283- التحقيق : ان القصد في صدق النجش والغش وعدمه موضوعاً او حكماً على اربعة انواع ـ ثالثاً : ( فقه الصادق ) الغش خاص بصورتين وليس المقام منهما ، ومناقشته
السبت 3 ربيع الثاني 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النَجش
(مدح السلعة أو الزيادة في ثمنها ليزيد غيره)
(7)
التحقيق: مدخلية القصد في الموضوع أو الحكم هي على أنواع
والتحقيق ان الغرض (والقصد) تارة يكون ذا مدخلية في تعنون أو عدم تعنون الشيء بعنوان (الغش والنجش) أي صدق عنوان (الغش) و(النجش) وتارة لا يكون، وأخرى يكون ذا مدخلية في الحكم رغم صدق العنوان وأخرى لا يكون كذلك، وتارة يشك في مدخليته في الموضوع أو الحكم.
1- مدخلية القصد في سلب العنوان
فمن الأول: ما لو زاد في السعر قاصداً الشراء فانه ليس بنجش إذ النجش ان يزيد في ثمن السلعة ليزيد غيره بزيادته وهو غير قاصدٍ الشراءَ حقيقةً بل لمجرد ان يزيد المشتري في الثمن.
كما ان الظاهر انه ليس بغش وإن علم بان المشتري سيتوهم من زيادته ان قيمته هي الأغلى من المعروض أولاً؛ فان إقدام الإنسان على الشراء بثمن أغلى جاداً لغرض عقلائي كحاجته إليه أو غيره لا يسمى غشاً وان توهم غيره من إقدامه ان قيمته بالفعل هي كذلك (أي أغلى) فزاد، فان توهُّمه ناشئ من سوء فهمه ولا ينسبه العقلاء إلى الآخر كما لا يعتبرونه غاشاً فان الغش هو الخداع والتدليس ولا ريب ان الجاد في الشراء ولو بالسعر الأعلى لا يعد مدلساً وان توهم الآخر من فعله ما توهم.
غاية الأمر ان يقال ههنا واقع الغش وإن لم يتحقق عنوانه.
وفيه: ان الأحكام تدور مدار العناوين وان العرف لا يراه – في جوهره - غشاً بالحمل الشائع الصناعي، ووحدة الجنس لا تقتضي وحدة النوع فهو كقول القائل ان واقع الزواج هو الزنا أو واقع التقاص هو السرقة أو واقع الإرث هو الغصب من المورِّث لاشتراكهما في الجامع العام!
2- عدم تأثيره في سلبه
ومن الثاني: ما لو قصد من النجش وزيادة السعر نفع البائع (لجهة من الجهات ولو لأنّ له عليه حقاً) لا الإضرار بالمشتري الذي اضطر للزيادة بزيادته، فانه لا يخرجه ذلك عن عنوان النجش.
3- مدخليته في نفي حكمه دون عنوانه
ومن الثالث([1]): ما لو زاد في الثمن ليزيد غيره لكنه كان من باب التقاص لاستنفاذ مال البائع الذي غصبه هذا المشتري فرضاً فوجد انه لا طريق لاستنقاذ ماله إلا بان يتدخل الناجش فيزيد في ثمن البضاعة المعروضة بمليون مثلاً فيطلبها بمليون ومائة ألف ليشتريها المشتري الغاصب بمليون ومائتي ألف فيكون بالمائتي ألف الزائدة قد استرجع تقاصاً بعضَ ما غصبه منه مثلاً، فان هذا القصد لا يخرجه عن كونه نجشاً عرفاً إلا انه جائز لانطباق عنوان التقاص عليه([2]).
والسر ان عنوان النجش ليس علة تامة للتحريم بل هو مقتضٍ له فلو زاحمه عنوان أقوى منه حلَّ أو يقال بحكومة أدلة التقاص على مثل قاعدة السلطنة ومثل حرمة النجش.
والحاصل: انه لو اجتمع عنوانان ذوا ملاكين غلب ذو الملاك الأقوى ثبوتاً واما في عالم الأدلة فالمرجع لحاظ اللسان فان كان لسان احدهما الحكومة أو شبهها غلب وإلا فالتخيير أو الإباحة([3])، على كلام وتفصيل.
4- إجمال حالهِ ومدخليتهِ من عدمها
ومن الرابع: ما لو زاد الثالث([4]) كي لا يشتريه المشتري بتوهم انه لو زاد لعَدَلَ المشتري عن الشراء لكنه كان شديد الرغبة فاشتراه، فهل يصدق عليه عنوان الغش لفرض ان المشتري توهم من زيادته ان قيمته بالفعل هي الأعلى؟ أو لا لفرض ان غرضه كان صَرفه عن الشراء لا لكي يشتريه بالأزيد؟ ثم على فرض صدق عنوان الغش والنجش فهل هذا حرام؟ كل منهما بحاجة إلى تأمل([5])
الغش المحرم لا يشمل زيادة الثمن
الجواب الثالث عن دعوى حرمة النجش استناداً إلى كونه غشاً ما ذكره فقه الصادق من (وثانيا:ان المتيقن من الغش المحرم في المعاملة هو مزج المبيع أو اخفاء عيبه، واما مدح السلعة مثلا فليس من هذا القبيل، الا ترى انه لم يفت احد بحرمة مدح البائع سلعته ليرغب المشتري فيها، فلو كان يصدق الغش لكان محرما)([6])
الجواب:
ويرد عليه: أولاً: ان تخصيص الغش بهذين الصنفين هو تخصيص من غير مخصص بل لا وجه له في اللغة ولا في العرف الخاص ولا العام ولا يوجد مصطلح شرعي خاص للغش فاخراج غير هذين عن الغش موضوعا أو حكماً لا وجه له. وللكلام صلة
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
([1]) ان يكون ذا مدخلية في الحكم رغم صدق العنوان.
([2]) مع اذن الفقيه ان اشترطناه وإلا فلا حاجة إليه.
([3]) ومفروض ذلك في ذي الملاكين المتزاحمين، لا في المتعارضين وإلا فالتخيير أو التساقط.
([4]) أي الناجش.
([5]) وسيأتي تحقيقه بإذن الله تعالى عند التطرق للروايات.
([6]) فقه الصادق ج21 ص361.
السبت 3 ربيع الثاني 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |