102- القسم الثامن: حق ايجاد الحق والاقسام الاربعة ـ مايصح اسقاطه دون نقله وانتقاله، كحق الاسترضاء في الغيبة
الاثنين 25 ذو القعدة 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(102)
الحكم التاسع للحقوق: حق إيجاد الحق
وهو ينقسم إلى أربعة أصناف: ما هو مسلّم الثبوت، وما هو مسلّم العدم، وما أختلف فيه الفقهاء، وما لم يطرحوه:
فمما هو مسلّم العدم: حق التشريع، إذ ليس للناس أن يمنحوا أنفسهم حق تشريع القوانين كما قامت به بعض الملل في العصر الحديث بل وبعض الغابرين أيضاً حيث صاروا إلى: من حكم الشعب على الشعب بالشعب وإن للناس أن ينتخبوا مجلساً يشرّع الأحكام، وهو حرام باطل بالضرورة إذ (إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ)([1]) و(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ) و(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) و(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)([2]).
وكذلك حق الرد والمقابلة قبل ارتكاب الطرف ما يستدعيه، ومنه القصاص قبل الجناية، فانه غير جائز شرعاً.
ومما هو مسلّم الثبوت: حق إيجاد الحق بالشرط كمنحها بالشرط حق الطلاق في ضمن عقد النكاح أو في ضمن عقد لازم، وفيه: أنه نقلُ حقٍ وليس إيجاداً لأصله، اللهم إلا أن يراد به الاعم من إيجاد اصله وكليه الطبيعي أو ايجاد فرده، فتأمل. وقد يمثل له بان يوجد له بالشرط في ضمن عقد لازم حق الأولوية في شراء داره لو عرضه للبيع مثلاً. فتأمل
ومما اختلف فيه الفقهاء: حق الطبع لمؤلف الكتاب، وحق براءة الاختراع، ومنه حق تركيب دواء مستحدث أخترعه فلا يحق لغيره صنعه وبيعه إلا بإذنه أو بإعطائه نسبة من الأرباح مثلا، ومثله حق الطبع.
وكذلك حق إيجاد عقد جديد: كحق التأمين، والمجوّز له أن يستدل على حق إيجاده بعموم مثل الناس مسلطون وأصالة الإباحة، وعليه بعد وجوده بعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) بعد لحاظ أن كونه عقداً يؤخذ من العُرف، وتفصيله في محله.
ومما لم يبحث([3]): حق إعطاء صوتين أو أكثر للمفكّر أو العالم أو الخبير في الانتخابات مثلا وحق التصويت للطفل بل وللجنين، ومن الواضح أنه لا حق لهما في ذلك في القوانين الوضعية وقد ارتآى السيد الوالد لهما الحق؛ نظرا إلى أن الحاكم يتصرف بقراراته العامة في أنفسهم وأموالهم([4]) فإن قراراته في المعاهدات الدولية والحرب والسلم وخفض العملة ورفعها وسنّ قوانين سلامة البيئة والتلوث وغيرها تؤثر على الكل، فوجب إذنهم وهذا بناء على ان الحكم وكالة أو جعالة أو إجارة أو إذن، وأما بناء على كونه منصباً فان قيل بإطلاقه فلا، وإن قيل بتقييده برضى الناس فنعم، أي يشترط منح الناس – ومنهم الطفل والجنين عبر وليهما – الإذن للحاكم في التصرفات، نعم حيث لا يعقلون([5]) يكون صوتهما بيد وليهما كسائر شؤونهما.
ويمكن التمثيل له بما هو أقرب للقبول وهو: ما لو أسّس جماعة شركة واتفقوا على أن لأحدهم صوتين أو أكثر لكونه أكثر خبرة أو عملا أو تمويلاً بأن كانت أسهمه ضعف أسهم غيره.
كما يمكن التمثيل له بما لو اعطى التلميذ لأستاذه حق فصله من المدرسة إذا نال أقل من 95% من الدرجات فرضاً، فيجري البحث فيه وفيما سبقه في أنه هل له ايجاد أو إنشاء تلك الحقوق لغيره أو لنفسه؟
تتمة كلام المحقق اليزدي: ما يجوز إسقاطه دون نقله وانتقاله
وقال المحقق اليزدي: (ومنها ما يجوز إسقاطه ولا يصح نقله ولا ينتقل بالموت أيضاً كحق الغيبة، والشتم، والأذية بإهانة أو ضرب أو نحو ذلك بناءً على وجوب إرضاء صاحبه وعدم كفاية التوبة)([6])
أقول: المقصود من حق الغيبة وأخواته: حق الاسترضاء أي أن للمغتاب، على اسم المفعول، حقاً على المغتاب، على اسم الفاعل، أن يسترضيه، فيجوز إسقاطه ولا يصح بيعه مثلا ولا يورث. وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
..............................................
قال الإمام الجواد (عليه السلام): "تَأْخِيرُ التَّوْبَةِ اغْتِرَارٌ وَطُولُ التَّسْوِيفِ حَيْرَةٌ وَالِاعْتِلَالُ عَلَى اللَّهِ هَلَكَةٌ وَالْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ أَمْنٌ لِمَكْرِ اللَّهِ (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ)([7]) "
تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): ص456.
====================
الاثنين 25 ذو القعدة 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |