103- كلام النائيني في حق القذف ـ ما يصح اسقاطه وانتقاله دون نقله كحق الشفعة واستدلال النائيني والمناقشة
الثلاثاء 26 ذو القعدة 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(103)
النائيني: مما لا يصح نقله وانتقاله حق القذف
وقد مثّل الميرزا النائيني لما يجوز إسقاطه ولا يصح نقله وانتقاله بحق القذف، فإن أراد حق الاسترضاء فهو تام فإنه من أظهر مصاديق الشتم الذي قال قوم فيه بهذا الحق كما سبق من المحقق اليزدي، وإن أراد حق إسقاط الحد الثابت به، ففيه تأمل إذ الحق لحاكم الشرع في اسقاطه أو تغييره للتعزير إن رأى المصلحة في ذاك لا للمقذوف، والمسألة بحاجة لتأمل ومراجعة.
حق إيجاد حقٍ بالشرط: إيجاد حق الأولوية
سبق([1]) إمكان إيجاد حق جديد بالشرط وانه يمكن أن يمثل له بإيجاد حق الأولوية لشخص في شراء داره منه متى أراد بيعها، ونضيف: انه حق جديد وليس نقلاً إذ ليس له حق الشراء من نفسه كي ينقله لغيره.
ثم أنه يجري فيه كلا الوجهين من لزومه فقط إذا وقع في ضمن عقد ملزم، ومن لزومه ابتداءً وإن كان خلاف المعروف، لكن العرف استقر عليه في بعض الصور ومنه ما تعارف من منح المؤلف حق بيع كتبه حصريا إلى إحدى دور النشر فهو عقد جديد يوجد حقاً جديداً، إن لم يكن بيعاً أو صلحاً أو شبههما فتأمل.
وليس مرجعه إلى إسقاط حقه في البيع لغيره مثلاً
لا يقال: ان مرجعه إلى إسقاط حقه في بيع داره لغيرِ مَن منحه حقه حصريا؟
إذ يقال: أولاً: انه عرفا حق آخر، وليس إسقاطاً، وإمكان عوده إليه فلسفياً ينقض بإمكان العكس إذ هو اعتبار له فالأمر كما اعتبره فأيَّهما اعتبر فالآخر هو لازمه، إضافة إلى انه لا يقتضي كونه كذلك عرفا.
ثانيا: انه لا يصح اسقاط حقه في بيع شيء مطلقاً أو في بيعه لشخص خاص أي انه لا يسقط بالإسقاط، نعم له تركه وهو غير إسقاطه كما سبق، نعم لازم جعل الأولوية له إسقاط حقه في بيعه لغيره لكن الأمور الاعتبارية أمرها بيد المعتبر كما سبق فيمكن إقرارهم الوجه الإيجابي ليلزمه السلبي أو العكس، نعم الظاهر صناعيا صحة الأمرين لكنه غير جريان العرف عليه وتصحيحهم، فتأمل.
اليزدي: ما ينتقل بالموت ويصح إسقاطه دون نقله أو يصح نقله
وقال المحقق اليزدي: (ومنها ما ينتقل بالموت ويجوز اسقاطه ولا يصح نقله كحق الشفعة على وجه، ومنها ما يصح نقله واسقاطه وينتقل بالموت (أيضا) كحق الخيار، وحق القصاص، وحق الرهانة، وحق التحجير، وحق الشرط، ونحو ذلك)([2]).
الخلاف في حق الشفعة والخيار
أقول: هنا مطلبان الأول: ان في حق الشفعة والخيار خلافا، فقد ارتآى الشيخ والميرزا وجمع كبير بأنه وحق الخيار كلاهما لا يصح نقله، بينما رأى اليزدي صحة نقل حق الخيار([3])، اما السيد الوالد فقد ارتآى صحة نقل الخيار لو جعلاه كذلك([4]) وكذا صحة بيع حق الشفعة والخيار على من هو عليه([5]) وعدم التقوّم بالشخص إلا بشرط ولو ارتكازي.
مناقشة دليل النائيني على انتقال الخيار بالموت وعدم صحة نقله
الثاني: استدل الميرزا النائيني على عدم صحة نقل حق الخيار بانه حق متقوّم بشخص المشتري فكيف ينقله لغيره؟ وعلى انتقاله بالموت بكونه شمولا لما تركه الميت. قال: (ثم إن منها ما يكون قابلا للانتقال إلى الغير، ولا يكون قابلا للنقل، إذ لا تلازم بينهما، فإن الخيار ينتقل إلى الوارث ولا يصح نقله إلى الغير، فإنّ المدار في قابليته للنقل على عدم تقوّمه بشخصٍ خاصً([6])، والمدار في انتقال الحق إلى الوارث على دخوله تحت ما تركه الميت)([7]).
ولكنّ استدلاله غير وجيه ظاهراً؛ إذ كونه مما تركه فرع عدم تقوّمه بشخص المشتري الميت فلو قيل بتقوّمه به (ولذا لم يصح نقله) لوجب القول بعدم انتقاله بالموت لتقوّمه به فليس هو مما تركه بل هو مما زال وانتفى بموته, ولعله (قدس سره) ارتآى حكومة أدلة ما تركه على التقوّم بالشخص، وفيه ان الحكم لا يتكفل بموضوعه.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
.............................................
قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): "إِنَّكُمْ فِي آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ، وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، وَالْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً، مَنْ يَزْرَعْ خَيْراً يَحْصُدْ غِبْطَةً، وَمَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يَحْصُدْ نَدَامَةً، لِكُلِّ زَارِعٍ مَا زَرَعَ، لَا يُسْبَقُ بَطِيءٌ بِحَظِّهِ، وَلَا يُدْرِكُ حَرِيصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ مَنْ أُعْطِيَ خَيْراً، فَاللَّهُ أَعْطَاهُ وَمَنْ وُقِيَ شَرّاً فَاللَّهُ وَقَاهُ"
تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): ص 489.
====================
الثلاثاء 26 ذو القعدة 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |