166- تتمة الوجوه السبعة المحتملة في قوله (صلى الله عليه وآله) (عندك) واولوية صحة وقوع الحق ثمناً اذا صح وقوعه مثمناً
الاثنين 7 جمادى الاولى 1438هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(166)
لذي الحق على المحقوق السلطنة التامة الفعلية
ويرد عليه([1]): ثانياً: أن لذي الحق على متعلق الحق، أي المحقوق، السلطنة التامة الفعلية عليه، فينطبق عليه تعريف الشيخ لـ(عندك) ولا يرد أن السلطنة القوية ملك والضعيفة حق فان([2]) كلّا منهما قد يكون، بحسبه، تاماً فعلياً وقد لا يكون.
بعبارة أخرى: السلطنة التامة الفعلية على المملوك أمر والسلطنة التامة الفعلية على المحقوق أمر آخر وكلاهما سلطنة تامة فعلية والفرق في المتعلَّق لا في المتعلِّق من حيث التمامية والفعلية وعدمهما؛ فإن الوجود الضعيف، كنور الشمعة، تماميته وفعليته بأن يكون كذلك كما أن النور القوي، كنور الشمس، تماميته أن يكون كذلك وقد أوضحنا ذلك بوجه آخر في بعض الكتب([3]) وفي بعض البحوث السابقة([4]) في مسألة أنواع الظن وأن منه ما قوته في ضعفه فليراجع وليتأمل.
والمدار صدق (عندك) بالحمل الشائع لا صدق تعريفه المخترع
على أن عدم صدق (السلطنة التامة الفعلية) على الحق، أو المحقوق([5])، بالحمل الشائع لا يضر – كما سبق - بعد صدق (عندك) بالحمل الشائع عليه إذ المدار على لفظ الرواية لا ما فسرت به، فان ذلك([6]) من الأخطاء الشائعة المشهورة كما فصلناه سابقاً أيضاً.
توقف (عندك) على مملوكيته لخصوصية المورد فلا يقتضي التوقف عليها في غيره
وثالثاً: كما ويمكن الجواب بوجه آخر عن كلام الشيخ، وهو أن قوله (صلى الله عليه وآله) (عندك) وإن أريد به السلطنة التامة الفعلية المتوقفة على كونه مملوكاً ومقدوراً على تسليمه – حسب ما ارتآه الشيخ – إلا أن كونه مملوكاً إنما هو لخصوصية المورد لا لاقتضاء الوارد، بيانه أن مورد السؤال من النبي (صلى الله عليه وآله) كان أنه هل يصح أن يبيع زيد مثلاً عيناً شخصية مملوكة للغير كعمرو، لخالد ثم يشتريها زيد من عمرو ويسلمها لخالد؟ فأجاب (صلى الله عليه وآله) بالنهي عن بيع ما ليس عندك والـ(عند) المسؤول عنه كان المملوك فأفاد قوله (صلى الله عليه وآله) المنع عن بيع المملوك غير المقدور عليه، وأين ذلك من المنع عن بيع المحقوق المقدور على تسليمه فان أحدهما مباين للآخر؟.
والاستدلال بالأُنس فالانصراف لا بخصوصية المورد
لا يقال: الوارد لا يخصّصه المورد فـ(ما) الموصولة أعم من المملوك والمحقوق.
إذ يقال: ليس الاستدلال بخصوصية المورد بل بأُنسُ الذهن ببيع المملوك دون المحقوق الموجب لانصرافه عن المحقوق الذي قد يدعى بأنه لا يخطر بالبال أصلاً بيع المحقوق، خاصة في زمن النص حيث لم تكن توجد حقوق كحقوق التأليف وبراءة الاختراع وغيرها، فالانصراف ليس لقلة الوجود كي يكون بدوياً بل للأُنس الذهني الموجب لإعطاء اللفظ وجهة خاصة([7]).
لا يقال: كان لديهم حق التحجير؟
إذ يقال: أولاً: مبنىً بأن التحجير مورث للملك، على ما ذهب إليه السيد الوالد صناعة وربما فتوى أيضاً وهو ما عليه ارتكاز العرف فانهم يرون المحجَّر مملوكاً للمحجِّر لا أنه له به حق الاختصاص، وإن كان مخالفاً للمشهور بل المشهور جداً.
ثانياً: بناءً بأنه وإن أورث الحق لكن لا دليل على أنهم كانوا يبيعونه أي لا دليل على تعلّق البيع به في أزمنتهم أبداً، نعم كان مما يُقطِعُه الحكام وأشباههم. فتأمل
ثبوت سلطنة شرعية ثانوية مع كونها عرفية
6- (عندك) يراد به: ما لك سلطنة عرفية وشرعية أوّلية عليه وإن لم تكن لك سلطنة شرعية ثانوية عليه فلا تبع ما ليس عندك يعني ما لا سلطنة شرعية ثانوية (أي نابعة من هذا الدليل نفسه لا من الأدلة الأوّلية فتأمل([8])) لك عليه وإن كانت لك سلطنة شرعية أولية وأيضاً عرفية عليه، وذلك كما في مورد الرواية من بيع ملك الغير الشخصي ثم شرائه منه وإعطائه لمن اشتراه منه خاصة إذا كان وكيلاً عنه (أي عن عمرو في المثال السابق) في بيعه ولو من نفسه، فانه في مثل هذا المورد: له سلطنة عرفية عليه وشرعية أولية دون الثانوية:
أما العرفية فلأن العرف والعقلاء يصححون مثل هذه المعاملة ويرون للبائع الأول (زيد) سلطنة على ما يملكه عمرو في بعض الصور كما في صورة وجود تعاهد بينهما على أن يبيع كل منهما ما شاء مما يمتلكه الآخر لكونهما تاجرين مثلاً شغلهما ذلك.
كما له سلطنة شرعية عليه، لفرض كونه وكيلاً عن مالكه في بيعه أو لتعاهده معه فيشمله (أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) إذ يشمل (أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) كلما عدّه العرف بيعاً وهذا منه دون شك، نعم لا سلطنة شرعية ثانوية عليه ببركة ورود هذا الدليل الخاص "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ وَعَنْ بَيْعَيْنِ فِي بَيْعٍ وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك"([9]) فتأمل([10])
الفرق بين المحتملات الثلاث
وبذلك كله ظهر الفرق بين الثالث والرابع وهذا السادس من محتملات (عندك) في الرواية، والفرق بعبارة أخرى:
الثالث: (لا تبع ما ليس عندك) أي ما لا سلطنة تكوينية خارجية لك عليه، كالمغصوب منك إذا غصبه قاهر.
الرابع: (لا تبع ما ليس عندك) أي ما لا سلطنة شرعية ولا عرفية لك عليه وإن كانت لك سلطنة تكوينية خارجية عليه كالمحجور عليه لفلس أو سفه من دون أن يمنع، خارجياً، من التصرف.
السادس: (لا تبع ما ليس عندك) أي ما لا سلطنة شرعية ثانوية لك عليه وإن كانت لك سلطنة عرفية بل وشرعية أولية عليه، والأولية ببركة العمومات كأحل الله البيع والتي انعقد لها العموم ببركة انفصال مثل "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله)... وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك" عنه ثم إذ جاء هدم الإرادة الجدية دون الاستعمالية على المشهور. فتأمل([11]).
إجمال معنى (عندك) في الرواية
7- أن يقال بأن (عندك) مجمل من حيث أن المراد به ما ليس ملكاً لك أو ما لا سلطنة لك عليه – بأحد معانيها الأربعة([12]).
وعليه: يبقى المرجع عموم (أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)
فإذا تحير الفقيه في المراد من (عندك) وكان مجملاً لديه فانه حيث كان منفصلاً عن عموم مثل (أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) فان إجماله لا يسري إليه؛ لما سبق من عدم سراية إجمال المخصص المنفصل إلى العام، فيكون بيع المحقوق كالأرض المحجَّرة مشمولاً لـ(أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) للصدق العرفي بلا شك، ولا يضر به ورود (لا تبع ما ليس عندك) بعد إجماله وانفصاله وجهل أن المراد به النهي عن بيع غير المملوك أو النهي عن بيع ما لا سلطنة لك عليه. فتدبر جيداً وتمام الكلام في مبحث القدرة على التسليم بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
قال الإمام الصادق (عليه السلام): "الْمُؤْمِنُ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ: ذَنْبٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا صَنَعَ اللَّهُ فِيهِ، وَعُمُرٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا يَكْتَسِبُ فِيهِ مِنَ الْمَهَالِكِ، فَهُوَ لَا يُصْبِحُ إِلَّا خَائِفاً وَلَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْخَوْفُ" الكافي: ج2 ص71.
............................................
الاثنين 7 جمادى الاولى 1438هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |