بقلم: السيد نبأ الحمامي
الثروات التي على الأرض هي ملك لكل البشر، وليست خاصة بحكومة أو جهة أو قومية أو حزب ولا حتى لشعب، وهذه القاعدة عقلائية وشرعية، فإن مجرد ولادة الإنسان في مكان ما من الأرض لا يعطيه الحق في احتكار ثرواتها، بل هذه الثروات لكل البشر، لقوله تعالى: ((خَلَقَ لَكُمْ ماّ في الأَرْضِ جَميعًا))([1])، وأما قاعدة (مَنْ سَبَق) وثبوت حق الملك أو الاختصاص للسابق بحسب الرواية، فإنها تشمل كل من سبق وبسط سلطنته على أرض من الأراضي، أو استخراج ثرواتها، من أي بلد كان ومن أية قومية أو لون كان، وكل ذلك في إطار (لكم) في قوله تعالى: ((خَلَقَ لَكُمْ ماّ في الأَرْضِ جَميعًا)).
ولكن الحكومات لا تعمل بهذا القانون السماوي، ولذا نجد أنه إذا أراد شخص أن يستولي ويحوز ما في باطن بيته أو أرضه من الثروات، لو وُجدت، أو ما في محافظته، أو بلدته، من ثروات ومعادن في باطن الأرض، فإن الحكومات تستخدم سلطتها في فرض العقوبات عليه، ومنعه من ذلك، في حين أنهم يطبقونها على مستوى الدول التي حددتها الحدود السياسية، فتراهم يخصصون ثروات كل دولة من الدول بأهل تلك الدولة دون غيرها، ولا يسمحون لبقية الناس من الدول الأخرى بالتصرف في أراضي أو ثروات تلك الدولة، ومن هنا يرد النقض عليهم؛ إذ يقبلون ويسمحون لأنفسهم بامتلاك الأراضي وتخصيص الثروات ضمن بلد واحد، ولا يسمحون بذلك لبقية البلدان، فكأننا قبلنا بأن الحدود الجغرافية السياسية حجة شرعية، بينما هي عقلاً وشرعاً باطلة.
أمّا عقلًا: فلأن العقل يرى أن جميع الناس سواسية، ولا فضل لأحدٍ على أحد، ولا امتياز لشخص على شخص في استملاك أرض الله تعالى أو استخراج شيء من ثرواتها.
وأمّا شرعًا: فلقوله تعالى: ((إنَّمـا الـمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ)) ([2])، وقوله تعالى: ((خَلَقَ لَكُمْ مّا في الأَرْضِ جَمِيعًا)) ([3]).
والغريب أن الحكومات تمنع سائر الشعوب من حيازة بعض ثروات بلادها، بحجة أنها خاصة بشعبنا، ثم هي تمنع شعبها من حيازتها بحجة أنها لنا، أي للحكومة، لا غير!