187- الاشكال بان المشهور على عدم وجوب التدبر الجواب: ست عشرة صورة يجب فيها التدبر ، وكلام المشهور في غيرها ـ لو ترددنا في ان التدبر مباين او مساو او اخص من التفكر فما هو المرجع ؟
الثلاثاء 19 محرم 1431هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كان البحث حول الاستدلال برواية(ويل لمنلاكها بين لحييه ثم لم يتدبرها)على وجوب الاجتهاد في اصول الدين, ووصلنا في المطلب إلى ان هذه الرواية يمكن ان يقال بدلالتها على لزوم تكرر التدبر بما اسلفناه من الوجهين.
الإشكال إن الرواية معرض عنها
ولكن قد يستشكل على هذا بان هذه الرواية معرض عنها إذ لم يلتزم المشهور بوجوب التدبر في القران الكريم بين فترة واخرى,بل حتى بوجوبه مرة واحدة الا لو لزم منه هجران القران وهذا عنوان ثانوي, بل لعل الاجماع على ذلك,فهذه الرواية ينبغي اما ان تطرح او تحمل على الكراهة بان نحمل كلمة (ويل) الظاهرة في التحريم نظرا لأن معناها الهلاك، على الكراهة؛لهذه القرينة العامة، او نطرحها لو وجدنا ان هذا الحمل غير عرفي وغير وجيه أي مما يأباه اللفظ عرفاً .
الجواب: لا اعراض إلا عن صورة
والجوابعن الاشكال:بان هذه الرواية هي على مقتضى القاعدة واطلاقها مما لا باس به نظراً للقول بشمولها لست عشرة صورة، وخروج صورة واحدة وهي مورد الشهرة والاجماع,وعليه: فلا اشكال في الالتزام بالتكرر في التدبر، توضيح ذلك بما ينقح معنى الرواية ايضا:
الصور الستة عشرة لوجوب التدبر
ان هنالك صوراً اربعة مضروبة في صور اربعة أخرى، والصور الاربعة الاولى وجوب التدبر فيها على القاعدة، اما خامس الصور فلا، وهي مورد كلام المشهور
الصورة الاولى:ان يؤدي التدبر إلى ايجاد الاعتقاد بأصول الدين، فهو واجب من باب المقدمية والطريقية فيما من شأنه ان يوجد الاعتقاد به بالتدبر.
الصورة الثانية:ان يوجد التدبر استمرار الاعتقاد وبقاءه فالامر كذلك والوجوب هنا على القاعدة،طريقياًومقدمياً،
الصورة الثالثة:ان يؤدي التدبر إلى ايجاد الايمان , والايمان غير الاعتقاد فقد يكون معتقدا غير مؤمن نظير (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ) فهو معتقد لكنه لم يؤمن.
الصورة الرابعة:ان يؤدي التدبر إلى بقاء الايمان، وهنا ايضا وجوب التدبر على القاعدة.
ولا فتوى في هذه الصور الأربعة على خلاف ذلك، لكن هل الوجوب عقلي وشرعي؟ الوجوب العقلي لا ريب فيه وانما الكلام في وجوبه الشرعي ايضا .
وملاحظة حال اكثر الناس تشهد بان التدبر نافع في الصور الاربعة المتقدمة، فانه قد يفيد ايجاد الاعتقاد ولو ببعض اصول الدين، ولذا ترى الشيعة يحتجون بالقران الكريم،وباستمرار، على المخالفلأجل ايجاد الاعتقاد بعدل الله، في نفسه مثلا,بل ان غالب الناس بل حتى الحكماء وحتى اعاظم الفقهاء والفلاسفة وغيرهم،نجده عند التدبر في القران يستفيد اما حدوث اعتقاد او بقاءه او ايجاد ايمان او بقاءه، وهذا من الوجدانيات, ويشهد به التتبع والاستقراء.
الصورة الخامسة:وهي الصورة التي قد يقال ان رأي المشهور عدم وجوب التدبر فيها، وهي ان يؤدي التدبر إلى زيادة الايمان اي اشتداد درجته,او قوة الاعتقاد، هذه الصورة لم يلتزم المشهور بالوجوب فيها, وان ذهب البعض إلى التفصيل الذي ذكرناه سابقا والذي ارتأه صاحب القوانين وذكره صاحب البحار؛وهو الوجوب في الجملة على حسب قابلية القابل، وان التكاليف هي بحسب الاستعدادات، فالعامي تكليفه الاعتقاد البسيط الساذج وكذا الايمان البسيط الساذج، اما الفقيه فلا يكتفى منه بذلك بل يعاقب على تركه الاكثر واما المثقف فهو وسط بينهما، لكن كلامنا الآن هو على حسب رأي الشهور الذي لا يرى ذلك,اذن الرواية تدل على تحريم ترك التدبر مطلقا خرجت منه الصورة الخامسة، ثم ان الصور الاربعة الاولى تضرب في صور اربع اخرى فتكون ست عشرة صورة مشمولةً بالرواية,والصور الاربعة الاخرى هي ما اشرنا اليها في مبحث سابق وهي:
الصورة الاولى: صورة نسيان الادلة, فلو نسي الادلة فان مراجعتها من جديد لو كان موجداً للاعتقاد أو الإيمان أو بقائهما، وجب، وذلك كما لو شك في عدل الله والعياذ بالله او شك في ضرورة بعث الانبياء بتوهم الاستدلال بان الله لا يُسأل عما يفعل , فان شاء بعث وان لم يشأ لم يبعث,فلو نسي الادلة فهنا يجب عليه ان يكرر النظر ويتدبر في الأدلة وفي جواب الشبهة.
الصورة الثانية:قوة الملكة, فبعد قوة ملكته فانه قد يحتمل احتمالاً عقلائيا بانه لو تدبر في القران الكريم لتغيرت بعض اعتقاداته فالتدبر هنا واجب (كمن يرى جسمانية الله، لكنه احتمل تغيّر اعتقاده بالتدبر في مجموع آيات الكتاب ).
الصورة الثالثة:تجدد دليل او طروّشبهة .
الصورة الرابعة:ما إذا لم يكن عن نسيان للادلة، بان كان مستحضرا لها في ارتكازه، بحيث لو شاء لاستخرجها، وما إذا كانت ملكته على ما هي ولم تتجدد له شبهات اوادلةجديدة تقتضي اعادة التدبر؛ لكنه احتمل احتمالا عقلائيا وجود أو بقاء الاعتقاد أو الإيمان أو تغير بعض العقائد، فيما لو تدبر في القران، وذلك بنحو الاثر الوضعي حيث ان للقران اثراًوضعياًفانه نور، فيحتمل انه لو لم يتدبر لزال ايمانه بالمشوشات والاوهام الداخلية فلو احتمل بقاء ايمانه على حاله لو تدبر، لوجب.
اذن هذه ست عشرة صورة مشمولة بالرواية نعم الصورة الخامسة للصور الاربعة الاولى لم يقل المشهور بوجوب التدبر فيها.
اذن هذه الرواية على مقتضى القاعدة ويمكن الالتزام بها سواء اقلنا بالوجوب الغيري كما هو المشهور ام قلنا بالوجوب النفسي، وهذا التفصيل أساسي لتوضيح مفاد هذه الرواية ودلالاتها .
ما هو المرجع لدى التردد المفهومي؟
المطلب الخامس:انه لو ترددنا في التدبر (الذي وردت فيه اربع آياتقرآنيةبلفظ التدبر)انه مباين للتفكر، على ما ذهب اليه الشيخ الطوسي والسيد الوالد، ام ان التدبر مساو ومرادف للتفكر، ام انه اخص مطلقا من التفكر؛ فما هو المرجع وذلك بعد فرض الفراغ من الوجوب ولو الطريقي للتدبر؟
الجواب عن هذا السؤال يعتمد على مبحث اصولي شهير وانه لو تردد موضوع التكليف او ان شئت فقل المأمور به او المكلف به بنحو الشبهة المفهومية ,أي لو ترددنا ان التدبر من حيث المفهوم، سعةً وضيقاً بالنسبة للتفكر مباين ام مرادف او مساو , فما المرجع,والمبحث الاصولي رؤوس مطالبه أربعة فلنرَ ان مقامنا من ايها:
الصور الأربعة للشبهة المفهومية
الصورة الاولى:ان يتردد المكلف به او قل موضوع التكليف بين المتباينين من حيث الشبهة المفهومية نظرا للجهل بالوضع،وبعبارة أخرى لو (تعلق أمر بمفهوم مردد بين متباينين من حيث الجهل بالوضع) ومثاله الواضح هو القرء فلو جهلنا وضعه ثم وجدنا حكماً عُلّق على القرء كما في المطلّقة ونحوها فما هو الحكم؟والمختار ان المجرى مجرى الاشتغال.
الصورة الثانية:هي الصورة الاولى بحالها, لكن لا لعدم العلم بالوضع بل مع العلم به، لكن كان بنحو الاشتراك اللفظي، اي تردد الأمر بين المتباينين في الشبهة المفهومية مع العلم بالوضع لكن الوضع كان بنحو الاشتراك اللفظي، كما في كلمة(الموالي) فلو قال المولى (اكرم الموالي) وعلمنا ان المولى مشترك بين السيد والعبد،والمختار ان المجرى هو الاشتغال.
الصورة الثالثة:ان يتردد متعلق التكليف او قل موضوعه، بنحو الشبهة المفهومية بين العامين من وجه فهنا المختار انه في مادتي الافتراق، المجرى مجرى البراءة، مثاله (الحكيم)فانه يطلق على كل من الطبيب والفيلسوف فلو قال المولى اكرم الحكماء فهنا القدر المتيقن هو الطبيب الفيلسوف، ومادتا الافتراق هما الطبيب غير الفيلسوف والفيلسوف غير الطبيب، والمختار ان المجرى مجرى البراءة.
الصورة الرابعة:وهي ان يكون تردد المكلف به او موضوع التكليف نظراللشبهة المفهومية لكن كان هذا التردد لا بين المتباينين ولا بين العامين من وجه بل بين العام والخاص المطلق، فهنا يقتصر على القدر المتيقن ونجري البراءة عن الاعم، كما في (اكرم العادل) لودار الامر في مفهوم العادل بين كونه خصوص صاحب الملكة ام الاعم من ذلك، فنجري البراءة عن الاخير وهو الاعم.
هذه هي المسألة الاصولية بشقوقها الاربعة المبدئية ولها شقوق اخر فليتأمل والاجابة لعلها غدت واضحة في حكم التدبر الذي يدور امره وعلاقته مع التفكر بين ان يكون مباينا او مرادفا مساويا او اخص مطلقا وعلى أي فانه لا بد من تحديد المرجعية لايةقاعدة من هذه القواعد الاربعة وبحسب اختلاف المباني؟ وللحديث صلة
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
الثلاثاء 19 محرم 1431هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |