077-إشكالات على صغرى ارتكاز المتشرعة على الانفعال / ووجوه تقوية الارتكاز كبرىً
السبت 9 شعبان 1446هـــ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
سبق: (ولكنّ ذلك وإن صح، ولكن يبقى أن الارتكاز المتشرعي وإن قلّت وجوه عدم حجيته بالنسبة إلى السيرة، إلا أنه وإن فرض ناطقاً بالحرمة إلا انه يبقى محتملاً لأن لا يكون مأخوذاً عن المعصوم (عليه السلام)، فإن ارتكازناً على عدم إجزاء تقليدها، كما يمكن أن يكون مأخوذاً عنهم (عليهم السلام)، قد يكون منشؤه الفتاوى كما مضى من السيد الوالد (قدس سره) وقد يكون منشؤه الاحتياط، لكون تقليد الرجل الجامع للشرائط مبرئاً قطعاً للذمة دونها، وقد يكون منشؤه العناوين الثانوية أو لحاظ عنوان المقدمية للفساد؛ إذ رأى المتشرعة ان دخول المرأة في المجتمع واختلاطها بهم مظنّة للفساد، فكيف إذا صارت مرجعاً أو قاضياً والناس، بطبيعة الحال، يرجعون إلى المرجع والقاضي في مسائلهم وشؤونهم، فإن ذلك يفتح باب الفساد، كما انه قد يكون منشؤه فهم خاص لمجموع الروايات الواردة عن المرأة وحجابها وأن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل ومسجد المرأة بيتها.. إلخ، وقد لا يقبل الفقيه المتأخر دلالتها على المدعى)[1].
وقد يكون منشأ الارتكاز القياس الخفي
ونضيف: انه وقد يكون الوجه في اشتراط مجموعة الشروط التالية في مرجع التقليد: الذكورة، وطهارة المولد، والعدالة وكونه إمامياً إثني عشرياً، القياس الخفي بل هو المصرح به في كلام بعض الفقهاء بدعوى انه قياس الأولوية، إذ استند بعضهم إلى أولوية اعتبار العدالة وطهارة المولد في مرجع التقليد، من اعتبارها في إمام الجماعة، فقد يكون منشأ ارتكاز المتشرعة، أو بعضهم، على اشتراط بعض تلك الشروط هو هذه الأولوية، ومع وجود[2] هذا الاحتمال، إضافة إلى الاحتمالات السابقة، لا حجية لهذا الارتكاز ونظائره أبداً؛ إذ القياس، وإن سمي بالأولوية، ليس حجة[3] ولو كان الأمر بالقياس، ولو المدعى أولويته، لأمكن معارضته بقياس المرجع على راوي الحديث، فإن راوي الحديث لا يشترط فيه أن يكون رجلاً ولا إمامياً ولا عادلاً ولا طاهر المولد مع انه أهم من إمام الجماعة وأولى، إذ انه وسيط التشريعات الكلية وقد يكون الخبر الذي يرويه مفتاحياً في مسألة أصولية أو قاعدة فقهية، كالاستصحاب[4] وقاعدة على اليد وغيرها، بل حتى المسائل الفقهية المتداولة العادية، فهل نلحق مرجع التقليد بإمام الجماعة أو نلحقه براوي الحديث؟ خاصة إذا كان عمدة الدليل على حجية الفتوى وصحة التقليد هو بناء العقلاء، كما صار إليه بعض الفقهاء، فإن العقلاء لا يشترطون في الرجوع إلى المجتهد، في أي علم من العلوم، إلا الخبروية، (والوثاقة).
والحاصل: ان من صرّح بما مضى ونظائره فقد صرّح، ومن لم يصرّح فإن ارتكازه قد يعود للاحتياط أو العناوين الثانوية أو فهمه المصطَيَد من الأخبار أو من قياسه الخفي أو غير ذلك، فلا يكون حجة علينا.
الارتكاز يُسقِط الحجة المعارِضة عن الحجية
ولكن في مقابل ذلك قد يقال: بأنّ الارتكاز المتشرعي وإن لم يكن حجة، كلما تطرّقَتْ إليه بعض الاحتمالات الآنفة ونظائرها مما لا يحرز معها، كونه مأخوذاً من المعصوم (عليه السلام) فإنه مع إحرازه يكون حجة وإلا فلا، لكنه رغم ذلك، أي رغم عدم حجيته، فإنه يمكن القول بأنه يُسقِط ما عارضه عن الحجية إذ اللاحجة قد يسقط الحجة عن الكاشفية ولزوم الاتباع والمنجزية والمعذرية[5] إمكان الاستناد؛ ألا ترى أن بعض الأصوليين ارتأى أن الظن النوعي[6] حجة إلا إذا قام الظن الشخصي للفقيه على الخلاف (بل اشترط بعضهم في حجيته موافقة الظن الشخصي له) وإننا وإن كان مبنانا عدم اشتراط الشرطين[7] إلا أن الشاهد إمكان التفكيك وعقلائيته[8] والوجه في ذلك: ان معارضة الظن الشخصي قد تسلب الوثوق النوعي بالحجية، إلا لو علم أو اطمأن، وهو خروج عن الفرض.
وكذلك السياق فإن المشهور، الذي حاد عنه عدد من المعاصرين، عدم حجية السياق القرآني نظراً للأحاديث التي وردت بـ ((إِنَّ الْآيَةَ يَكُونُ أَوَّلُهَا فِي شَيْءٍ وَآخِرُهَا فِي شَيْءٍ وَهُوَ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ مُنْصَرِفٌ عَلَى وُجُوهٍ))[9]، وغير ذلك، ولكن ومع ذلك فإن السياق، غير الحجة في حد ذاته، قد يسقط العموم والإطلاق عن إمكان الاحتجاج به: أما الإطلاق فقد يقال: بأنه لا يعلم انعقاده مع وجود السياق المخالف أو مع كونه من محتمل القرينية المتصل، وأما العموم فلأنه قد يوجب انصرافاً عن، أو انصرافاً إلى...[10] فتدبر.
والحاصل: ان حجية الظواهر مستندة إلى بناء العقلاء، وهو دليل لبّي لا يعلم شموله لمثل الصور الآنفة[11] كما لا يعلم شموله لمثل مخالف الارتكاز، وهو موطن الشاهد، بل حتى الإطلاقات اللفظية كـ (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)[12]، (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)[13]، و((وَأَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَأَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ))[14]، إذ قد يقال بانها منصرفة عن صورة قيام ارتكاز المتشرعة على الخلاف، أو لا أقل من أنه لا يعلم انها في مقام البيان من هذه الجهة، أفترى ان (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ...) في مقام البيان من جهة مرجعية شخص من أهل الذكر مع معارضة ارتكاز جميع أهل الذكر له؟ أو ترى أن (لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) يشمل ما لو علم المكلف بأن جميع المتفقهين المحذِّرين، ارتكازهم على عكس ما افتى به هذا المنذر؟ أن القول بذلك مشكل جداً.. نعم من قطع أو اطمأن فلا كلام معه إلا أن نحاول زحزحة قطعه وزعزعة اطمئنانه..
وعلى أي فإن الفقيه إذا لاحظ أن كثيراً من اجتهاداته إنما هي مجرد استظهارات أو ظنون، لا ترقى إلى مستوى العلم ولا المتاخم له، لاحتاط وما افتى على خلاف مرتكزات المتشرعة أو توقف على الأقل، إلا إذا كان جُربزياً أو معجباً برأيه أو قطّاعاً أو شكّاكاً وسواساً، كما نراه في بعض الحداثويين الذين يستسهلون مخالفة الإجماع والارتكازات المتشرعية، أو حتى العقلائية.
هذا كله كبرىً، وسيأتي وجه آخر لتأييد الارتكاز.
مناقشات في صغرى ارتكاز مصباح الفقيه
وأما صغرىً فإنه قد يورد على ما قاله الفقيه الهمداني من (وكفى في فسادها مخالفتها للقاعدة المسلّمة المغروسة في أذهان المتشرّعة خلفاً عن سلف من أنّ ملاقاة النجس برطوبة مسرية سبب لتنجيس ملاقيه كما يرشدك إليها التتبّع في الأخبار؛ فإنّك لا تكاد ترتاب بعد التتبّع في أنّ نجاسة ملاقي البول والخمر والمني وغيرها من النجاسات كانت من الأمور المفروغ عنها عند السائلين، والأئمّة عليهم السلام، وأنّ الرواة لا زالوا كانوا يسألون الأئمّة عليهم السلام عن حكم الملاقي وكيفية تطهيره، والأئمّة عليهم السلام كانوا يأمرونهم بالتجنّب عنه، وغسله بالماء مرّة أو مرّتين أو ثلاثاً مع التعفير وبدونه)[15] بأمور:
1- المرتكَز نجاسة الثوب وأخواته فقط، لا كل جسم
أولاً: ان المغروس المسلّم في الأذهان والمذكور في الروايات إنما هو تنجس الثوب (وهو المذكور غالباً[16] في الروايات التي تجاوزت العشرات ولعلها مجموعاً تبلغ المآت، والبدن والأواني والماء القليل، وأيضاً: الأرض والفراش والطنفسة والجص، ولا توجد رواية واحدة عن تنجس الأبواب والأشجار رغم كونها مورد الابتلاء بل ولا رواية واحدة عن تنجس آلات الحِدادة والنجارة والسِمكرية ونظائرها[17] مع كونها مورد الابتلاء الشديد، إذ كثيراً ما تكون يد الحدّاد أو السمكري أو النجار ملوثةً بالدم أو البول أو غيرهما.. ومع ذلك لم يسأل سائل، ولا ابتدأ الإمام (عليه السلام) بالإشارة إلى ذلك، فالتتبع في الأخبار قادنا إلى عكس مراده وهو إنها جميعاً في تنجس الثوب وأخواته مما سبق.. دون غيرها مما مضى، وعليه: نلتزم بنجاسة الثوب وأخواته.. دون غيرها.. إلا بقياس خفي لا يمكننا الالتزام به كما سبق؛ نظراً للتشديد الأكيد في الروايات الناهية عن القياس حتى عما كان بديهياً للرواة نظير رواية الدية في أصابع المرأة حيث ورد فيها ((إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقَابِلُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ، فَإِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ رَجَعَتْ إِلَى النِّصْفِ، يَا أَبَانُ إِنَّكَ أَخَذْتَنِي بِالْقِيَاسِ وَالسُّنَّةُ إِذَا قِيسَتْ مُحِقَ الدِّينُ))[18] رغم قول ابان ((وَنَقُولُ الَّذِي جَاءَ بِهِ شَيْطَان))[19].
لا يقال: ان الروايات إنما ذكرت الثوب وأخواته.. لأن بيت القصيد في النجاسة هو أمران: أ- الاحتراز عنها في الصلاة وأما الأرض فهي أيضاً مرتبطة الصلاة، ب- والأكل (في الأواني و...) وأما الأبواب والأشجار فغير مبتلى بها من هذه الجهة ولا أدوات الحدادة والنجارة...
إذ يقال: فذلك على المقصود أدلّ، إذ لعل المتنجسات، من ثوب وشبهه، إنما منع عنها في الصلاة لكونها نظير أجزاء ما لا يؤكل لحمه كشعر الهِرّة مثلاً فإنها مانعة عن صحتها لا لنجاستها بل بما هي هي، فلعل الثوب الذي تلوث بالبول مانع عن الصلاة لا لنجاسته بل لعلوق البول به، فإذا زال ولو بتبخير الهواء له، صحّت.
وتحقيق هذا أكثر في ضمن الجواب التالي:
2- المرتكز: التنجس لوجود عين النجاسة، لا للانفعال[20]
ثانياً: ما ذكره السيد الوالد في الفقه من: (أقول: وأنت خبير بعدم ورود شيء من هذه الايرادات عليه، أما مخالفة ما ذكره الكاشاني للقاعدة المغروسة. ففيه: أن ذلك ليس إلا لعدم زوال النجاسة الملاقية رطباً عن الملاقى، فرؤية المتشرعة نجاسة ما وصل إليه البول لكون أجزاء البول في الثوب ونحوه)[21].
وتوضيحه: إن المحتملات في وجه تجنّب المتشرعة عن الثوب الملوّث بالبول، وفي أمر الشارع بالاجتناب عنه ثلاثة:
أ- أن يكون ذلك لانفعالها وتنجّسها، وهو مدعى المشهور.
ب- أن يكون ذلك لوجود عين النجاسة فيها، كما هو مبنى هذا الاحتمال، فإذا زال ولو بالحك أو بالتبخر كفى.
ج- أن يكون لِصِرف التعبد.
والارتكاز غير ناطق بأي منها فلا يحرز به الأول، وأما الروايات فسيأتي الجواب عنها، بل قد يشهد للاحتمال الثاني بعض ما ذكره في الفقه كما سيأتي.
3- سلّمنا[22]، لكن لا ارتكاز على حصر المطهر بالماء
ثالثاً: بل نقول: سلّمنا أن مطلق الأجسام (كالأبواب وأدوات الحدادة.. إلخ غير الثوب وشبهه مما ورد فيه النص) تتنجس بالانفعال، لا لمجرد وجود عين النجاسة فيها، وان الارتكاز المسلم على ذلك، فمن أين ثبوت الارتكاز على انه لا يطهر بجفافه بهبوب الرياح مثلاً؟ نعم قد يقال: انه مرتكز أيضاً لكنه دون ارتكاز الانفعال جداً، ولذا لم يختلف في الانفعال أبداً[23] واختلف في الإزالة فذهب الكاشاني إلى مطهريته ونقله عن السيد المرتضى أيضاً ومال إليه صناعياً (الفقه) وغيره. وللكلام صلة كبرىً وصغرىً فانتظر.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال أمير المؤمنين عليه السلام : ((أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّ كَمَالَ الدِّينِ طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْعَمَلُ بِهِ، أَلَا وَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ أَوْجَبُ عَلَيْكُمْ مِنْ طَلَبِ الْمَالِ، إِنَّ الْمَالَ مَقْسُومٌ مَضْمُونٌ لَكُمْ قَدْ قَسَمَهُ عَادِلٌ بَيْنَكُمْ وَضَمِنَهُ وَسَيَفِي لَكُمْ، وَالْعِلْمُ مَخْزُونٌ عِنْدَ أَهْلِهِ وَقَدْ أُمِرْتُمْ بِطَلَبِهِ مِنْ أَهْلِهِ فَاطْلُبُوهُ)) الكافي: ج1 ص30.
-------------------------------
[1] الدرس (1096/76).
[2] ليس الكلام الآن عن تنقيح حال الأدلة على اشتراط تلك الشروط؛ إذ قد يجد فقيه دليلاً لفظياً تاماً بنظره على بعضها كحسنة أبي خديجة ((ِيَّاكُمْ أَنْ يُحَاكِمَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِلَى أَهْلِ الْجَوْرِ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ يَعْلَمُ شَيْئاً مِنْ قَضَائِنَا فَاجْعَلُوهُ بَيْنَكُمْ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ قَاضِياً فَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ)) (الكافي: ج7 ص412)، بدعوى ظهور رَجُلٍ)) في الحصر بمناسبات الحكم والموضوع وغيره، ومقبولة ابن حنظلة Sيَنْظُرَانِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِمَّنْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَنَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَحَرَامِنَا، وَعَرَفَ أَحْكَامَنَا فَلْيَرْضَيَا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً)) (الاحتجاج: ج2 ص356)، وخبر عامر بن عبد الله بن جذاعة، قال: Sقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِنَّ امْرَأَتِي تَقُولُ بِقَوْلِ زُرَارَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ فِي الِاسْتِطَاعَةِ، وَتَرَى رَأْيَهُمَا؟ فَقَالَ: مَا لِلنِّسَاءِ وَالرَّأْيِ وَالْقَوْلِ لَهَا، أَنَّهُمَا لَيْسَا بِشَيْءٍ فِي وَلَايَةٍ، قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَحَدَّثْتُهَا، فَرَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ)) (رجال الكشي: ص168) وغيرها.
[3] إلا ما استند إلى ظاهر اللفظ، وهو استثناء منقطع، أو ما رجع إلى المستقلات العقلية فـ (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) حجة على حرمة الضرب مثلاً، لأنه عرفاً يعتبر كنايةً عن الإيذاء حتى بأبسط أنواعه، فهو مستنِد للفظ، كما ان قبح ضربهما من المستقلات العقلية.
[4] المثال فرضي، وإلا فإن زرارة مثلاً هو المروية عنه صحاح ثلاثة أو أربعة في الاستصحاب، وهو جامع لكل الشروط.
[5] وهي معاني ثلاثة للحجية.
[6] كخبر الثقة.
[7] أي نقول بأن الظن النوعي حجة مطلقاً وإن قام الظن الشخصي على خلافه.
[8] أي لا يكون حجة ولكنه في الوقت نفسه يسقط الحجة التي عارضها عن الحجية.
[9] المحاسن: ج2 ص300.
[10] كما لو قال: (أكرم العلماء) في سياق كلامه عن الفقهاء.
[11] نعم، من اطمأنّ إلى شموله، أو استند إلى الإطلاقات اللفظية، كفاه ذلك.
[12] سورة النحل: الآية 43.
[13] سورة التوبة: الآية 122.
[14] كمال الدين وتمام النعمة: ج2 ص484.
[15] مصباح الفقيه: ج1 ص275.
[16] أو في الكثير جداً.
[17] كالتنور للخبّاز.
[18] الكافي: ج7 ص300.
[19] وتمام الرواية: عن أبان بن تغلب قال: ((قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَطَعَ إِصْبَعاً مِنْ أَصَابِعِ الْمَرْأَةِ كَمْ فِيهَا؟ قَالَ: عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ. قُلْتُ: قَطَعَ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: عِشْرُونَ. قُلْتُ: قَطَعَ ثَلَاثاً؟ قَالَ: ثَلَاثُونَ. قُلْتُ: قَطَعَ أَرْبَعاً؟ قَالَ: عِشْرُونَ. قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَقْطَعُ ثَلَاثاً فَيَكُونُ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ وَيَقْطَعُ أَرْبَعاً فَيَكُونُ عَلَيْهِ عِشْرُونَ. إِنَ هَذَا كَانَ يَبْلُغُنَا وَنَحْنُ بِالْعِرَاقِ فَنَبْرَأُ مِمَّنْ قَالَهُ وَنَقُولُ: الَّذِي جَاءَ بِهِ شَيْطَانٌ. فَقَالَ: مَهْلًا يَا أَبَانُ هَكَذَا حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه آله) إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقَابِلُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ فَإِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ رَجَعَتْ إِلَى النِّصْفِ، يَا أَبَانُ إِنَّكَ أَخَذْتَنِي بِالْقِيَاسِ، وَالسُّنَّةُ إِذَا قِيسَتْ مُحِقَ الدِّينُ)). (الكافي (ط - الإسلامية)، ج7، ص: 300).
[20] أو: لا يعلم كونه لأجل الانفعال.
[21] موسوعة الفقه / كتاب الطهارة: ج2 ص54.
[22] أن المرتكز التنجس بالأنفعال.
[23] إلا في الماء القليل.
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
سبق: (ولكنّ ذلك وإن صح، ولكن يبقى أن الارتكاز المتشرعي وإن قلّت وجوه عدم حجيته بالنسبة إلى السيرة، إلا أنه وإن فرض ناطقاً بالحرمة إلا انه يبقى محتملاً لأن لا يكون مأخوذاً عن المعصوم (عليه السلام)، فإن ارتكازناً على عدم إجزاء تقليدها، كما يمكن أن يكون مأخوذاً عنهم (عليهم السلام)، قد يكون منشؤه الفتاوى كما مضى من السيد الوالد (قدس سره) وقد يكون منشؤه الاحتياط، لكون تقليد الرجل الجامع للشرائط مبرئاً قطعاً للذمة دونها، وقد يكون منشؤه العناوين الثانوية أو لحاظ عنوان المقدمية للفساد؛ إذ رأى المتشرعة ان دخول المرأة في المجتمع واختلاطها بهم مظنّة للفساد، فكيف إذا صارت مرجعاً أو قاضياً والناس، بطبيعة الحال، يرجعون إلى المرجع والقاضي في مسائلهم وشؤونهم، فإن ذلك يفتح باب الفساد، كما انه قد يكون منشؤه فهم خاص لمجموع الروايات الواردة عن المرأة وحجابها وأن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل ومسجد المرأة بيتها.. إلخ، وقد لا يقبل الفقيه المتأخر دلالتها على المدعى)[1].
وقد يكون منشأ الارتكاز القياس الخفي
ونضيف: انه وقد يكون الوجه في اشتراط مجموعة الشروط التالية في مرجع التقليد: الذكورة، وطهارة المولد، والعدالة وكونه إمامياً إثني عشرياً، القياس الخفي بل هو المصرح به في كلام بعض الفقهاء بدعوى انه قياس الأولوية، إذ استند بعضهم إلى أولوية اعتبار العدالة وطهارة المولد في مرجع التقليد، من اعتبارها في إمام الجماعة، فقد يكون منشأ ارتكاز المتشرعة، أو بعضهم، على اشتراط بعض تلك الشروط هو هذه الأولوية، ومع وجود[2] هذا الاحتمال، إضافة إلى الاحتمالات السابقة، لا حجية لهذا الارتكاز ونظائره أبداً؛ إذ القياس، وإن سمي بالأولوية، ليس حجة[3] ولو كان الأمر بالقياس، ولو المدعى أولويته، لأمكن معارضته بقياس المرجع على راوي الحديث، فإن راوي الحديث لا يشترط فيه أن يكون رجلاً ولا إمامياً ولا عادلاً ولا طاهر المولد مع انه أهم من إمام الجماعة وأولى، إذ انه وسيط التشريعات الكلية وقد يكون الخبر الذي يرويه مفتاحياً في مسألة أصولية أو قاعدة فقهية، كالاستصحاب[4] وقاعدة على اليد وغيرها، بل حتى المسائل الفقهية المتداولة العادية، فهل نلحق مرجع التقليد بإمام الجماعة أو نلحقه براوي الحديث؟ خاصة إذا كان عمدة الدليل على حجية الفتوى وصحة التقليد هو بناء العقلاء، كما صار إليه بعض الفقهاء، فإن العقلاء لا يشترطون في الرجوع إلى المجتهد، في أي علم من العلوم، إلا الخبروية، (والوثاقة).
والحاصل: ان من صرّح بما مضى ونظائره فقد صرّح، ومن لم يصرّح فإن ارتكازه قد يعود للاحتياط أو العناوين الثانوية أو فهمه المصطَيَد من الأخبار أو من قياسه الخفي أو غير ذلك، فلا يكون حجة علينا.
الارتكاز يُسقِط الحجة المعارِضة عن الحجية
ولكن في مقابل ذلك قد يقال: بأنّ الارتكاز المتشرعي وإن لم يكن حجة، كلما تطرّقَتْ إليه بعض الاحتمالات الآنفة ونظائرها مما لا يحرز معها، كونه مأخوذاً من المعصوم (عليه السلام) فإنه مع إحرازه يكون حجة وإلا فلا، لكنه رغم ذلك، أي رغم عدم حجيته، فإنه يمكن القول بأنه يُسقِط ما عارضه عن الحجية إذ اللاحجة قد يسقط الحجة عن الكاشفية ولزوم الاتباع والمنجزية والمعذرية[5] إمكان الاستناد؛ ألا ترى أن بعض الأصوليين ارتأى أن الظن النوعي[6] حجة إلا إذا قام الظن الشخصي للفقيه على الخلاف (بل اشترط بعضهم في حجيته موافقة الظن الشخصي له) وإننا وإن كان مبنانا عدم اشتراط الشرطين[7] إلا أن الشاهد إمكان التفكيك وعقلائيته[8] والوجه في ذلك: ان معارضة الظن الشخصي قد تسلب الوثوق النوعي بالحجية، إلا لو علم أو اطمأن، وهو خروج عن الفرض.
وكذلك السياق فإن المشهور، الذي حاد عنه عدد من المعاصرين، عدم حجية السياق القرآني نظراً للأحاديث التي وردت بـ ((إِنَّ الْآيَةَ يَكُونُ أَوَّلُهَا فِي شَيْءٍ وَآخِرُهَا فِي شَيْءٍ وَهُوَ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ مُنْصَرِفٌ عَلَى وُجُوهٍ))[9]، وغير ذلك، ولكن ومع ذلك فإن السياق، غير الحجة في حد ذاته، قد يسقط العموم والإطلاق عن إمكان الاحتجاج به: أما الإطلاق فقد يقال: بأنه لا يعلم انعقاده مع وجود السياق المخالف أو مع كونه من محتمل القرينية المتصل، وأما العموم فلأنه قد يوجب انصرافاً عن، أو انصرافاً إلى...[10] فتدبر.
والحاصل: ان حجية الظواهر مستندة إلى بناء العقلاء، وهو دليل لبّي لا يعلم شموله لمثل الصور الآنفة[11] كما لا يعلم شموله لمثل مخالف الارتكاز، وهو موطن الشاهد، بل حتى الإطلاقات اللفظية كـ (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)[12]، (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)[13]، و((وَأَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَأَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ))[14]، إذ قد يقال بانها منصرفة عن صورة قيام ارتكاز المتشرعة على الخلاف، أو لا أقل من أنه لا يعلم انها في مقام البيان من هذه الجهة، أفترى ان (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ...) في مقام البيان من جهة مرجعية شخص من أهل الذكر مع معارضة ارتكاز جميع أهل الذكر له؟ أو ترى أن (لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) يشمل ما لو علم المكلف بأن جميع المتفقهين المحذِّرين، ارتكازهم على عكس ما افتى به هذا المنذر؟ أن القول بذلك مشكل جداً.. نعم من قطع أو اطمأن فلا كلام معه إلا أن نحاول زحزحة قطعه وزعزعة اطمئنانه..
وعلى أي فإن الفقيه إذا لاحظ أن كثيراً من اجتهاداته إنما هي مجرد استظهارات أو ظنون، لا ترقى إلى مستوى العلم ولا المتاخم له، لاحتاط وما افتى على خلاف مرتكزات المتشرعة أو توقف على الأقل، إلا إذا كان جُربزياً أو معجباً برأيه أو قطّاعاً أو شكّاكاً وسواساً، كما نراه في بعض الحداثويين الذين يستسهلون مخالفة الإجماع والارتكازات المتشرعية، أو حتى العقلائية.
هذا كله كبرىً، وسيأتي وجه آخر لتأييد الارتكاز.
مناقشات في صغرى ارتكاز مصباح الفقيه
وأما صغرىً فإنه قد يورد على ما قاله الفقيه الهمداني من (وكفى في فسادها مخالفتها للقاعدة المسلّمة المغروسة في أذهان المتشرّعة خلفاً عن سلف من أنّ ملاقاة النجس برطوبة مسرية سبب لتنجيس ملاقيه كما يرشدك إليها التتبّع في الأخبار؛ فإنّك لا تكاد ترتاب بعد التتبّع في أنّ نجاسة ملاقي البول والخمر والمني وغيرها من النجاسات كانت من الأمور المفروغ عنها عند السائلين، والأئمّة عليهم السلام، وأنّ الرواة لا زالوا كانوا يسألون الأئمّة عليهم السلام عن حكم الملاقي وكيفية تطهيره، والأئمّة عليهم السلام كانوا يأمرونهم بالتجنّب عنه، وغسله بالماء مرّة أو مرّتين أو ثلاثاً مع التعفير وبدونه)[15] بأمور:
1- المرتكَز نجاسة الثوب وأخواته فقط، لا كل جسم
أولاً: ان المغروس المسلّم في الأذهان والمذكور في الروايات إنما هو تنجس الثوب (وهو المذكور غالباً[16] في الروايات التي تجاوزت العشرات ولعلها مجموعاً تبلغ المآت، والبدن والأواني والماء القليل، وأيضاً: الأرض والفراش والطنفسة والجص، ولا توجد رواية واحدة عن تنجس الأبواب والأشجار رغم كونها مورد الابتلاء بل ولا رواية واحدة عن تنجس آلات الحِدادة والنجارة والسِمكرية ونظائرها[17] مع كونها مورد الابتلاء الشديد، إذ كثيراً ما تكون يد الحدّاد أو السمكري أو النجار ملوثةً بالدم أو البول أو غيرهما.. ومع ذلك لم يسأل سائل، ولا ابتدأ الإمام (عليه السلام) بالإشارة إلى ذلك، فالتتبع في الأخبار قادنا إلى عكس مراده وهو إنها جميعاً في تنجس الثوب وأخواته مما سبق.. دون غيرها مما مضى، وعليه: نلتزم بنجاسة الثوب وأخواته.. دون غيرها.. إلا بقياس خفي لا يمكننا الالتزام به كما سبق؛ نظراً للتشديد الأكيد في الروايات الناهية عن القياس حتى عما كان بديهياً للرواة نظير رواية الدية في أصابع المرأة حيث ورد فيها ((إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقَابِلُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ، فَإِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ رَجَعَتْ إِلَى النِّصْفِ، يَا أَبَانُ إِنَّكَ أَخَذْتَنِي بِالْقِيَاسِ وَالسُّنَّةُ إِذَا قِيسَتْ مُحِقَ الدِّينُ))[18] رغم قول ابان ((وَنَقُولُ الَّذِي جَاءَ بِهِ شَيْطَان))[19].
لا يقال: ان الروايات إنما ذكرت الثوب وأخواته.. لأن بيت القصيد في النجاسة هو أمران: أ- الاحتراز عنها في الصلاة وأما الأرض فهي أيضاً مرتبطة الصلاة، ب- والأكل (في الأواني و...) وأما الأبواب والأشجار فغير مبتلى بها من هذه الجهة ولا أدوات الحدادة والنجارة...
إذ يقال: فذلك على المقصود أدلّ، إذ لعل المتنجسات، من ثوب وشبهه، إنما منع عنها في الصلاة لكونها نظير أجزاء ما لا يؤكل لحمه كشعر الهِرّة مثلاً فإنها مانعة عن صحتها لا لنجاستها بل بما هي هي، فلعل الثوب الذي تلوث بالبول مانع عن الصلاة لا لنجاسته بل لعلوق البول به، فإذا زال ولو بتبخير الهواء له، صحّت.
وتحقيق هذا أكثر في ضمن الجواب التالي:
2- المرتكز: التنجس لوجود عين النجاسة، لا للانفعال[20]
ثانياً: ما ذكره السيد الوالد في الفقه من: (أقول: وأنت خبير بعدم ورود شيء من هذه الايرادات عليه، أما مخالفة ما ذكره الكاشاني للقاعدة المغروسة. ففيه: أن ذلك ليس إلا لعدم زوال النجاسة الملاقية رطباً عن الملاقى، فرؤية المتشرعة نجاسة ما وصل إليه البول لكون أجزاء البول في الثوب ونحوه)[21].
وتوضيحه: إن المحتملات في وجه تجنّب المتشرعة عن الثوب الملوّث بالبول، وفي أمر الشارع بالاجتناب عنه ثلاثة:
أ- أن يكون ذلك لانفعالها وتنجّسها، وهو مدعى المشهور.
ب- أن يكون ذلك لوجود عين النجاسة فيها، كما هو مبنى هذا الاحتمال، فإذا زال ولو بالحك أو بالتبخر كفى.
ج- أن يكون لِصِرف التعبد.
والارتكاز غير ناطق بأي منها فلا يحرز به الأول، وأما الروايات فسيأتي الجواب عنها، بل قد يشهد للاحتمال الثاني بعض ما ذكره في الفقه كما سيأتي.
3- سلّمنا[22]، لكن لا ارتكاز على حصر المطهر بالماء
ثالثاً: بل نقول: سلّمنا أن مطلق الأجسام (كالأبواب وأدوات الحدادة.. إلخ غير الثوب وشبهه مما ورد فيه النص) تتنجس بالانفعال، لا لمجرد وجود عين النجاسة فيها، وان الارتكاز المسلم على ذلك، فمن أين ثبوت الارتكاز على انه لا يطهر بجفافه بهبوب الرياح مثلاً؟ نعم قد يقال: انه مرتكز أيضاً لكنه دون ارتكاز الانفعال جداً، ولذا لم يختلف في الانفعال أبداً[23] واختلف في الإزالة فذهب الكاشاني إلى مطهريته ونقله عن السيد المرتضى أيضاً ومال إليه صناعياً (الفقه) وغيره. وللكلام صلة كبرىً وصغرىً فانتظر.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال أمير المؤمنين عليه السلام : ((أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّ كَمَالَ الدِّينِ طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْعَمَلُ بِهِ، أَلَا وَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ أَوْجَبُ عَلَيْكُمْ مِنْ طَلَبِ الْمَالِ، إِنَّ الْمَالَ مَقْسُومٌ مَضْمُونٌ لَكُمْ قَدْ قَسَمَهُ عَادِلٌ بَيْنَكُمْ وَضَمِنَهُ وَسَيَفِي لَكُمْ، وَالْعِلْمُ مَخْزُونٌ عِنْدَ أَهْلِهِ وَقَدْ أُمِرْتُمْ بِطَلَبِهِ مِنْ أَهْلِهِ فَاطْلُبُوهُ)) الكافي: ج1 ص30.
[2] ليس الكلام الآن عن تنقيح حال الأدلة على اشتراط تلك الشروط؛ إذ قد يجد فقيه دليلاً لفظياً تاماً بنظره على بعضها كحسنة أبي خديجة ((ِيَّاكُمْ أَنْ يُحَاكِمَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِلَى أَهْلِ الْجَوْرِ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ يَعْلَمُ شَيْئاً مِنْ قَضَائِنَا فَاجْعَلُوهُ بَيْنَكُمْ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ قَاضِياً فَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ)) (الكافي: ج7 ص412)، بدعوى ظهور رَجُلٍ)) في الحصر بمناسبات الحكم والموضوع وغيره، ومقبولة ابن حنظلة Sيَنْظُرَانِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِمَّنْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَنَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَحَرَامِنَا، وَعَرَفَ أَحْكَامَنَا فَلْيَرْضَيَا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً)) (الاحتجاج: ج2 ص356)، وخبر عامر بن عبد الله بن جذاعة، قال: Sقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِنَّ امْرَأَتِي تَقُولُ بِقَوْلِ زُرَارَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ فِي الِاسْتِطَاعَةِ، وَتَرَى رَأْيَهُمَا؟ فَقَالَ: مَا لِلنِّسَاءِ وَالرَّأْيِ وَالْقَوْلِ لَهَا، أَنَّهُمَا لَيْسَا بِشَيْءٍ فِي وَلَايَةٍ، قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَحَدَّثْتُهَا، فَرَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ)) (رجال الكشي: ص168) وغيرها.
[3] إلا ما استند إلى ظاهر اللفظ، وهو استثناء منقطع، أو ما رجع إلى المستقلات العقلية فـ (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) حجة على حرمة الضرب مثلاً، لأنه عرفاً يعتبر كنايةً عن الإيذاء حتى بأبسط أنواعه، فهو مستنِد للفظ، كما ان قبح ضربهما من المستقلات العقلية.
[4] المثال فرضي، وإلا فإن زرارة مثلاً هو المروية عنه صحاح ثلاثة أو أربعة في الاستصحاب، وهو جامع لكل الشروط.
[5] وهي معاني ثلاثة للحجية.
[6] كخبر الثقة.
[7] أي نقول بأن الظن النوعي حجة مطلقاً وإن قام الظن الشخصي على خلافه.
[8] أي لا يكون حجة ولكنه في الوقت نفسه يسقط الحجة التي عارضها عن الحجية.
[9] المحاسن: ج2 ص300.
[10] كما لو قال: (أكرم العلماء) في سياق كلامه عن الفقهاء.
[11] نعم، من اطمأنّ إلى شموله، أو استند إلى الإطلاقات اللفظية، كفاه ذلك.
[12] سورة النحل: الآية 43.
[13] سورة التوبة: الآية 122.
[14] كمال الدين وتمام النعمة: ج2 ص484.
[15] مصباح الفقيه: ج1 ص275.
[16] أو في الكثير جداً.
[17] كالتنور للخبّاز.
[18] الكافي: ج7 ص300.
[19] وتمام الرواية: عن أبان بن تغلب قال: ((قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَطَعَ إِصْبَعاً مِنْ أَصَابِعِ الْمَرْأَةِ كَمْ فِيهَا؟ قَالَ: عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ. قُلْتُ: قَطَعَ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: عِشْرُونَ. قُلْتُ: قَطَعَ ثَلَاثاً؟ قَالَ: ثَلَاثُونَ. قُلْتُ: قَطَعَ أَرْبَعاً؟ قَالَ: عِشْرُونَ. قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَقْطَعُ ثَلَاثاً فَيَكُونُ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ وَيَقْطَعُ أَرْبَعاً فَيَكُونُ عَلَيْهِ عِشْرُونَ. إِنَ هَذَا كَانَ يَبْلُغُنَا وَنَحْنُ بِالْعِرَاقِ فَنَبْرَأُ مِمَّنْ قَالَهُ وَنَقُولُ: الَّذِي جَاءَ بِهِ شَيْطَانٌ. فَقَالَ: مَهْلًا يَا أَبَانُ هَكَذَا حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه آله) إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقَابِلُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ فَإِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ رَجَعَتْ إِلَى النِّصْفِ، يَا أَبَانُ إِنَّكَ أَخَذْتَنِي بِالْقِيَاسِ، وَالسُّنَّةُ إِذَا قِيسَتْ مُحِقَ الدِّينُ)). (الكافي (ط - الإسلامية)، ج7، ص: 300).
[20] أو: لا يعلم كونه لأجل الانفعال.
[21] موسوعة الفقه / كتاب الطهارة: ج2 ص54.
[22] أن المرتكز التنجس بالأنفعال.
[23] إلا في الماء القليل.