||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 معالم المجتمع المدني في منظومة الفكر الإسلامي

 409- فائدة فقهية: خيار الغبن وموارده

 كتاب قولوا للناس حسناً ولا تسبّوا

 350- الفوائد الاصولية: بجث الترتب (1)

 13- (شعائر الله) في أبعادها التكوينية والتشريعية

 386- فائدة أصولية: هل الأصل وحدة المطلوب أو تعدده؟

 161- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (8): علم الاديان الفقهي والاصولي المقارن

 398- فائدة كلامية: حال أجساد المعصومين (عليهم السلام) بعد موتهم

 214- عوامل بروز داعش والمنظمات الارهابية ومعادلة الرحمة النبوية في اطار المقاصد القرانية

 417- فائدة أصولية: تخيير المجتهد بين العمل برأيه أو تقليد المساوي له في العلم



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23703942

  • التاريخ : 29/03/2024 - 01:45

 
 
  • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .

        • الموضوع : 407- الوجه السابع لمعالجة الروايات المتعارضة في قضية هاروت وماروت : التورية في روايات النفي وشواهدها وتفصيل الكيفية التي ذكرتها روايات الاثبات ، وبها يتم الجمع .

407- الوجه السابع لمعالجة الروايات المتعارضة في قضية هاروت وماروت : التورية في روايات النفي وشواهدها وتفصيل الكيفية التي ذكرتها روايات الاثبات ، وبها يتم الجمع
الاربعاء 23 جمادى الثانية 1435هـ



 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيَّما خليفة الله في الأرضين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
مبادئ الاستنباط 
 
بحوث تطبيقة : اصولية وعلى ضوء فقه المعاريض 
 
سائر طرق علاج تعارض روايات عصيان هاروت وماروت 
 
7 – التورية في الروايات النافية 
 
ومن وجوه الجمع : ابقاء روايات الاثبات على ظاهرها وحمل روايات النفي لتلك المعاصي الاربعة عن الملكين ، على التورية ، وهي من المعاريض على تفسيرٍ او هي هي على تفسير آخر ، وذلك استناداً الى قرائن توجد في نفس روايات النفي والى لسان روايات الاثبات وما تضمنته من النكات والدقائق والفلسفة ، والى قرينة عامة خارجية . 
 
من روايات الاثبات : 
 
ويتضح وجه الجمع هذا بمراجعة روايات الاثبات اولاً لنتعرف على المراد بها بحقيقته ثم مراجعة روايات النفي واكتشاف القرائن فيها الدالة على الاثبات واقعاً لكن بنحو التورية وبلسان النفي الظاهري . 
 
فقد روى القمي والعياشي عن الامام الباقر ( عليه السلام ) : (( انه سأله عطاء عن هاروت وماروت فقال( عليه السلام ) : إن الملائكة كانوا ينزلون من السماء إلى الأرض في كل يوم و ليلة يحفظون اعمال أوساط اهل الأرض من ولد آدم و من الجنّ و يسطرونها و يعرجون بها إلى السماء . 
 
قال : فضجّ أهل السماء من اعمال أوساط اهل الأرض في المعاصي و الكذب على الله تعالى و جرأتهم عليه و نزهّوا اللَّه مما يقولون و يصفون فقالت طائفة من الملائكة يا ربنّا اما تغضب مما يعمل خلقك في أرضك و ما يصفون، فيك الكذب و يقولون الزوّر و مما يرتكبونه من المعاصي التي نهيتهم عنها و هم في قبضتك و تحت قدرتك؟ 
 
قال: فأحب الله عز و جل ان يُري الملائكة سابق علمه في جميع خلقه[1] ويعرفّهم ما منّ به عليهم مما طبعهم عليه من الطاعة وعدل به عنهم من الشهوات الإنسانية، فأوحى الله عز و جل إليهم ان انتدبوا منكم ملكين حتى أهبطهما إلى الأرض و اجعل فيهما الطبائع البشرية من الشهوة و الحرص و الأمل كما هو في ولد آدم ثم اختبرهما في الطاعة لي و مخالفة الهوى 
 
قال: فندبوا لذلك هاروت و ماروت و كانا من أشد الملائكة قولًا في العيب لولد آدم و استيثار غضب الله تعالى عليهم، فأوحى الله سبحانه و تعالى إليهما : اهبطا إلى الأرض فقد جعلت فيكما طبائع الشهوات والحرص و الأمل و أمثالها كما جعلت في بني آدم و اني آمركما ألا تشركا بي شيئاً و لا تقتلا النفس التي حرمتها و لا تزنيا و لا تشربا الخمر، ثم اهبطا إلى الأرض في صورة البشر و لباسهم فَهَبطا في ناحية بابل فرفع لهما بناء مشرف فأقبلا نحوه فإذا ببابه امرأة جميلة حسناء متزينة متعطرة مسفرة مستبشرة نحوهما فلمّا تأملا حسنها و جمالها و ناطقاها وقعت في قلوبهما أشد موقع و اشتدت بهما الشهوة التي جعلت فيهما فمالا إليها ميل فتنة و خذلان و حادثاها و راوداها عن نفسها فقالت لهما ... ))[2] 
 
محاور واعمدة الحل في الروايات المثبتة : 
 
وصريح هذه الرواية امور 
 
الاول : ان الملائكة اعترضوا على الله تعالى لامهاله بني ادم وعدم تعجيله اياهم بالعقوبة وانهم بالغوا فى الاشكال ( فضج اهل السماء ... ) (ياربنا اما تغضب ...) ( وكانا من اشد الملائكة قولاً في العيب لولد آدم واستيثار غضب الله تعالى عليهم... ) – اقول : وذلك كما اعترضوا من قبل عند خلق آدم ( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ [3]) لكن الله تعالى اكتفى هنالك بالجواب النظري والتعبدي ( قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) واما هنا ، فحيث لم ينقطع اشكالهم[4] ، اضاف جل اسمه البرهان العملي والتجريبي . 
 
الثاني : ان الله تعالى حيث احتجوا ولم يكن الجواب النظري مقنعاً لهم عرض عليهم الحل التجريبي[5] فقبلوا مطمئنين الى نجاحهم في التحدي، فغيّر طبائعهم كي تتم التجربة في ظروف مساوية لظروف البشر فاصبح الملكان على حقيقةٍ مغايرة لحقيقة الملائكة ، اذ لم يركب الله في الملائكة الطبائع البشرية، لكنه ركّب في هاروت وماروت الطبائع البشرية ( من الشهوة والحرص والامل كما هو في ولد آدم ) 
 
والحاصل : ان الملكين تحولاً تحوَّلاً جوهرياً واختلفت طباعهما الذاتية عن طباع الملائكة . 
 
وبذلك يظهر انهما خرجا خروجاً تخصُّصياً عن دائرة المعصومين من المعاصي؛ اذ الملائكة المجردون عن الطبائع البشرية هم الذين ( لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )[6] و ( لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ )[7] و ( لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ )[8] كما في الايات الشريفة ، لا من كان كذلك فتحول تكويناً بامر الله ، وبقبوله ، الى حقيقة اخرى . 
 
الثالث : ان الملكين حيث اتكلا على انفسهما واغترا باطاعتهما لله تعالى ولم يعتمدا على لطف الله تعالى بهما وبغيرهما في الحفظ من المعصية، وَكَلَهُما الله الى انفسهما ( فمالا اليها ميل فنتنة وخذلان ) وهنا موضع العبرة وسبب استثنائهما عن العصمة العامة للملائكة، وقد اكدته الرواية في آخرها ايضاً (( ... وبدت لهما سوءاتهما و نزع عنهما رياشهما واسقطا في أيديهما، و سمعا هاتفاً: إنكما هبطتما إلى الأرض بين البشر من خلق الله تعالى ساعة من النهار فَعَصَيتما بأربع من كبائر المعاصي و قد نهاكما عنها و قدم إليكما فيها و لم تراقباه و لا استحييتما منه و قد كنتما أشد من نقم على اهل الأرض المعاصي و اسجر غضبه عليهم، و لمّا جعل فيكما من طبع خلقه البشري، و كان عصمكم من المعاصي، كيف رأيتم موضع خذلانه فيكم )) [9] 
 
فالامر اذاً امر ( خذلان ) حيث توهّما انهما بانفسهما ومن دون لطف خاص إلهي ، ملتزمان بعدم المعصية، فوكلهما الله الى انفسهما ، فكان ما كان وثبت انه ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ )[10] وانه ( وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا )[11] وانه ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )[12] 
 
ومن ذلك كله يظهر ان خروج هذين الملكين عن دائرة العصمة هو خروج تخصصي واقعاً ، فلا ينقض بعصمة ملائكة الله ، ثم على فرضه فانه اخص مطلقاً من ادلة عصمتهم . فتدبر 
 
من روايات النفي : 
 
واما روايات النفي فالظاهر انها تورية وانها ظاهرها النفي لكن باطنها الاثبات وبدلالة قرائن خارجية وداخلية على ذلك... فلنقرأ رواية الامام العسكري( عليه السلام ) النافية من جديد لنرى مواضع الاستشهاد فيها على ذلك . 
 
(( قلت لأبي محمد عليه السلام فان قوماً عندنا يزعمون أن هاروت و ماروت ملكان اختارتهما الملائكة لمّا كثر عصيان بني آدم و انزلهما الله مع ثالث لهما إلى الدنيا و انهما افتتنا بالزهرة و أرادا الزنا بها و شربا الخمر و قتلا النفس المحرمة و أن الله تعالى يعذبهما ببابل و ان السحرة منهما يتعلمون السحر و ان الله مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة ؟ فقال الامام معاذ الله من ذلك ان ملائكة الله معصومون محفوظون عن الكفر و القبائح بألطاف اللَّه تعالى قال الله عز و جل فيهم: ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) و قال: ( وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ . ) يعني الملائكة ( لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ *يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ) و قال في الملائكة ايضاً ( بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) إلى قوله (مُشْفِقُونَ )[13] )) 
 
الشواهد في روايات النفي على التورية 
 
والتدبر في هذه الرواية يسوقنا الى امور بها ينكشف ( فقه الحديث ) وحل المعضلة : 
 
الاول: قوله ( عليه السلام ) (معاذ الله من ذلك) فهل المراد به (من ان نبتلى بمثل ذلك؟) أو (معاذ الله من هذه المعاصي والافعال) او (معاذ الله من ان ننسب للملكين ذلك) والظاهر وان كان هو الاخير لكنه تورية ، والمراد هو احد الاولين ، لا لقرينيّة طائفة الروايات المثبتة فقط ودلالتها على الخروج التخصصي بل حتى التخصيصي لو كان ، وان صحت[14] كما سيأتي ، بل للقرائن الاتية بعد التدبر في الرواية المثبتة الاولى جيداً. 
 
الثاني: عدول الامام عن الجواب المصداقي عن خصوص حال الملكين الى الجواب العام الكلي مع بداهة ان الخاص مقدم على العام. وانه لا يصح الاستدلال بالعام على نفي الاستثناء والخاص لوضوح ان الخاص مقدم . فتأمل[15] . 
 
ولو اراد الامام ( عليه السلام ) المعنى الظاهري لقال : ( معاذ الله من ذلك، ان هاروت وماروت لم يفعلا ذلك ولم يعصيا ولم يقتلا ) لكنه ( عليه السلام ) عدل عن الجواب عن الجزئي الى تقرير امر عام لا شك فيه وهو ان ملائكة الله معصومون مع انه لم تنفِ الروايات النافية ذلك بل بيّنت خروج الملكين تخصصاً اذ ركبت فيهما الطبائع البشرية ، افليس في ذلك دلالة على ان ههنا توريةً وان الامام لا ينفي مفاد تلك الروايات بل يثبت امراً واضحاً لا تنفيه تلك الروايات ، لحكمةٍ اخرى فلابد من البحث عنها وكشف السر وراء العدول بعد وضوح انه ليس نفي تلك الافعال عن الملكين ؟ 
 
الثالث: قوله ( عليه السلام ) : ( معصومون محفوظون من الكفر والقبائح بالطاف الله تعالى ) نص في ان حفظهم عن المعاصي مرتهن بلطف الله تعالى ، وتلك الروايات المثبتة صرحت انهما عصيا حيث سلب الله لطفه عنهما بـ(الخذلان) ولا تنافي بين الامرين اذ علقت هذه الرواية العصمة والحفظ على (بالطاف الله) اذ الباء سببية فكانه يشير اشارة خفية الى النفي عند النفي (أي نفي الحفظ عن المعصية عند انتفاء لطف الله) وهذا هو منطوق الروايات المثبيتة. 
 
والحاصل: ان لسانها لا يزيد على قوله تعالى ( وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا )[16]
 
فحفظهم انما هو بلطف الله تعالى وقد استمر لطفه بالرسول والائمة والملائكة لذا بقيت العصمة ، لكنها – العصمة – سلبت اذ سلب منهما لطف الله ، اذ اتكلا على انفسهما فعصيا الله تعالى ، فاي تنافٍ بين الامرين؟ بل الروايات المثبتة شارحة لدقائق ما اضمرته الروايات النافية ووجهها. 
 
والحاصل: ان ملائكة الله بما هم ملائكة وبحسب طبعهم الاولي معصومون، ولا ينافي ذلك عصيانهم بعد التغيير في ذواتهم والتحول الجوهري فيهم واتكالهم على انفسهم وخذلان الله تعالى لهم . 
 
وجه الحكمة في هذه التورية : 
 
ولعل الامر يتضح اكثر بملاحظة وجه الحكمة في هذه التورية ؛ فان الروايات المثبتة صدرت عن الباقرين والامير % غالباً ، واما النافية فقد صدرت عن الامام الرضا والامام العسكري C غالباً، ولعل السبب ان هذين الامامين كانا في بطن الدولة العباسية وفي اوساط الحكام الجائرين الفاسدين حيث كان في قصة عصيان الملكين افضل حجة لاولئك الحكام لا رتكاب المعاصي بدعوى انه اذا كان ملكان عظيمان من ملائكة الله يجترحان الكبائر ولا يمكنهما الامساك عنها فكيف يُتوقع منهم – اي اولئك الحكام – ضبط النفس والابتعاد عن المعاصي ؟ وكيف يحتج عليهم ؟ 
 
فاجاب الامام بما ظاهره النفي ، توريةً، كي لا تتخذ تلك القضية ذريعة لا جتراح كل مفسدةٍ ومظلمة .
 
اما حيث كان الامر في اوساط الشيعة فقد اجاب الامام بالواقع مع نكتته الكلامية [17] الاخلاقية وهي ان لا يغتر الانسان بتقواه فيصاب بالعُجب فيكله الله الى نفسه بل عليه ان يعلم ان ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ )[18] بل (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)[19] ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [20]) فيكون الانسان متوجهاً اليه دائماً متوكلاً عليه خائفاً وجلاً ابداً . 
 
والحاصل: ان ذكر الحقائق محكوم بعدم اداء ذكرها للمفاسد ، فان كانت في مظان ذلك حرم الصدق ، وكان لابد من التورية ففيها الجمع بين الحقين فلا هي كذب على المنصور الذي حققناه في مباحث ( التورية[21] ) ولا هي صدق يُطغِي ، بل سترٌ عن اعين واسماع من لا يتحمل بيان الحق بظاهر قد جرى تضمينه اشارات لذوي الالباب تشير الى الحق، مع صدور روايات اخرى في مواطن اخرى لا محذور فيها تصرح بالحق[22] . وللتأمل فيما ذكر مجال فتأمل . 
 
والله العالم الهادي الى سواء السبيل 
 
 
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
 
 
 
 
[1] - اقول : سابق علم الله كاشف وليس علة أي هو حاكٍ عن الشيء وليس موجداً له ؛ فان العلم مثل المرآة الكاشفة عن الحقائق وليست المرآة موجدة للاشياء بل هي حاكيه عنها ومثاله الواضح : لو علم المدرِّس ان الطالب سيرسب في الامتحان لكونه كسولاً جداً ، فان علمه كاشف ومرآه وليس علمه هو سبب سقوطه في الامتحان بل سبب سقوطه هو تكاسله عن الدرس والتحضير والاستعداد 
 
وكذلك لو رأى شخص شخصاً اعمى يسير باتجاه حفرة فعلم انه سيقع فيها ، فان علمه ليس سبب سقوط الاعمى بل مجرد كاشف عنه ، واما سبب سقوطه فهو سيره في هذا الخط دون احتياط 
 
[2] - تفسيرالصافي : ج1 ص 129 
 
[3] - سورة البقرة : اية 30 
 
[4] - او وجدوا مادة جديدة لتقوية اشكالهم ، والمقصود اشكال بعضهم . 
 
[5] - وبالتعبير الدارج : تحداهم 
 
[6] - سورة التحريم : اية 6 
 
[7] - سورة الاعراف : اية 206 
 
[8] - سورة الانبياء : اية 27 
 
[9] - تفسيرالصافي : ج 1 ص 130 / عن تفسير القمي : ج1 ص57 / والعياشي : ج1 ص54 
 
[10] - سورة النحل : أية 53 
 
[11] - سورة الاسراء : اية 74 
 
[12] - سورة الطلاق : آية 3 
 
[13] - تفسير الصافي : ج1 ص 128 
 
[14] - اي قرينة الروايات المثبتة بما تحمله من دقائق وفلسفة 
 
[15] - اذ قد يقال : الارجاع للعام في مقابل الخاص دليل على نفيه له به . فتأمل 
 
[16] - سورة الاسراء : اية 74 
 
[17] - وهي الجواب العملي عن اعتراض الملائكة على بني آدم ، على خلقه اولاً في احتجاجهم ضد آدم وعلى تركهم يعصون في احتجاجهم مرة اخرى ومن هاروت وماروت . 
 
[18] - سورة النحل : اية 53 
 
[19] - سورة الاسراء : اية 74 
 
[20] - سورة الانسان : آية 30 
 
[21] - لوجود القرائن على التورية ، وتكفي الخفية كما فصلناه في مباحث ( التورية ) 
 
[22] - لا يقال : لكن الاية صرحت بـــ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ) اذ يقال : لا دلالة للاية على نفي ما في الروايات المثبتة اذ اولاً : لعل ذلك – اي الالتزام بالشرع والضوابط – كان في بداية امرهما ، بل هو الظاهر اذ انحرافهما بدأ بعد اللقاء بتلك المرأة ، فلا ينافي ظاهر الآية الروايات. 
 
ثانياً : لا تنافي هذه الاية تلك الرواية ونظائرها مما ذكرت المعاصي الاربعة ولم تذكر السحر ، نعم تنفي هذه الآية الروايات المصرحة بارتكابهما معصية السحر للإغواء . والله العالم . 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الاربعاء 23 جمادى الثانية 1435هـ  ||  القرّاء : 4578



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net