||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 112- فائدة روائية: فقه المصطلحات المزدوجة الاستعمال

 208- انسانية الرسالة النبوية وعالميتها والغاية العليا من الخلقة والبعثة

 226- مباحث الاصول (الواجب النفسي والغيري) (1)

 345- ان الانسان لفي خسر (3) مؤشرات سقوط الإنسان نحو مرتبة البهيمية

 142- من فقه الحديث: محتملات معنى الحقيقة في قوله(عليه السلام): ((إنّ لكل حقٍ حقيقةً))

  326- (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) (1) خدمة الناس والوطن

 420- فائدة أصولية: الأصل الفوقاني في المعاملات

 388- فائدة أخلاقية: العمل والرياء

 350- الفوائد الاصولية: بجث الترتب (1)

 122- (الدفاع عن المظلومين) من مفردات (رسالات الله)



 الحسين المحمول عليه السلام على أجنحة الملائكة صريع على أرض كربلاء

 الإِمَامُ الحُسَينُ خَليفَةُ اللهِ وَإِمَامُ الأُمَّةِ

 تعلَّمتُ مِن الإِمامِ.. شرعِيَّةُ السُّلطةِ

 اقتران العلم بالعمل



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 91

  • المواضيع : 4532

  • التصفحات : 28082562

  • التاريخ :

 
 
  • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .

        • الموضوع : 415- بحث اصولي - فقهي - اخلاقي بمناسبة مولد امير المؤمنين ( عليه السلام ) مقومات حصول ملكة الاجتهاد او استقامتها 1ـ استقامة السليقة وعدم اعوجاجها 2ـ ان لا يكون جريئاً غاية الجرأة في الفتوى .

415- بحث اصولي - فقهي - اخلاقي بمناسبة مولد امير المؤمنين ( عليه السلام ) مقومات حصول ملكة الاجتهاد او استقامتها 1ـ استقامة السليقة وعدم اعوجاجها 2ـ ان لا يكون جريئاً غاية الجرأة في الفتوى
الثلاثاء 13 رجب 1435هـ



بسم الله الرحمن الرحيم 
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
مبادئ الاستنباط 
 
مقوِّمات ملكة الاجتهاد واستقامة الاستنباط([1]) 
 
هنالك مسائل متعددة تتعلق بالاجتهاد، بحث بعضها الأصوليون والفقهاء بحثاً مستوعباً فيما أهمل الكثير منهم البعض الآخر منها غالباً أو مطلقاً، رغم أهميته اما باعتباره مسألة أو باعتباره مبدءاً تصديقياً للفقه أو الأصول. 
 
ومنها: شرائط تحقق الاجتهاد الملكي (أي ملكة الاجتهاد) 
 
ومنها: شرائط حصول الاجتهاد الفعلي وسلامته 
 
وهذه الشرائط هي التي بها يجوز الاعتماد على ما استنبطه المجتهد بالفعل 
 
وهذان هما من المبادئ التصديقية أو المسائل – على الخلاف([2]) - لعلم الأصول أو الفقه على المبنيين([3]). 
 
ومنها: مطلق شرائط جواز تقليد المجتهد، وهذه هي التي بحثها الفقهاء مفصلاً وذكروا الشروط التسعة في المقلَّد، فتوى أو احتياطاً. 
 
ثم ان هذه قد تطرح أصولية وقد تطرح فقهية([4]) كما فصلناه سابقاً. 
 
ومنها: شرائط (الإصابة) أي الوصول إلى العلم الكاشف عن الواقع، لا القطع الأعم منه ومن الجهل المركب، أو الظن الأعم منهما وإن كان معتبراً، مما يتوقف في الجملة على التسديد الغيبي وأيضاً على عوامل طبيعية أخرى([5]) وهذا مما لم يبحث عادة. 
 
ومنها: شرائط تأثير العلم وترتب الأثر عليه – وهو بحث أخلاقي – عملي، وهذا مبحوث في الجملة – لا باستيعاب – في بعض كتب الأخلاق([6]) 
 
ومنها: شرائط القيادة والزعامة؛ فان الإفتاء أمر والقيادة أمر آخر ولا تلازم بين صحة الرجوع إلى المجتهد في الفتوى وبين صحة أو جواز تسليم زمام الأمور في الشؤون العامة إليه([7]) فقد تكون مثل الشجاعة والكرم والحكمة والحلم ونظائرها من شرائط الزعامة والقيادة دون كونها من شرائط صحة الرجوع إليه في الفتوى. 
 
ولنبدأ ببعض الكلام عن المسألتين الأوليين على ضوء بعض كلمات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه صلوات المصلين. 
 
ومولى الموحدين عليه صلوات المصلين، ثم على ضوء بعض أعاظم الأصوليين 
 
رواية تحف العقول عن (فضائل العلم) 
 
فقد روى الحراني في تحف العقول رواية مطولة جاء فيها([8]) 
 
((إِنَّ الْعِلْمَ ذُو فَضَائِلَ كَثِيرَةٍ([9]) فَرَأْسُهُ التَّوَاضُعُ([10]) وَعَيْنُهُ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْحَسَدِ([11]) وَ أُذُنُهُ الْفَهْمُ وَ لِسَانُهُ الصِّدْقُ وَحِفْظُهُ الْفَحْصُ وَقَلْبُهُ حُسْنُ النِّيَّةِ وَعَقْلُهُ مَعْرِفَةُ الْأَشْيَاءِ وَالْأُمُورِ([12]) وَيَدُهُ الرَّحْمَةُ وَرِجْلُهُ زِيَارَةُ الْعُلَمَاءِ وَهِمَّتُهُ السَّلَامَةُ وَحِكْمَتُهُ الْوَرَعُ([13]) وَمُسْتَقَرُّهُ النَّجَاةُ وَقَائِدُهُ الْعَافِيَةُ وَمَرْكَبُهُ الْوَفَاءُ([14]) وَسِلَاحُهُ لِينُ الْكَلِمَةِ وَسَيْفُهُ الرِّضَا وَقَوْسُهُ الْمُدَارَاةُ([15]) وَجَيْشُهُ مُحَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ وَمَالُهُ الْأَدَبُ([16]) وَذَخِيرَتُهُ اجْتِنَابُ الذُّنُوبِ([17]) وَزَادُهُ الْمَعْرُوفُ([18]) وَمَاؤُهُ الْمُوَادَعَةُ وَدَلِيلُهُ الْهُدَى وَرَفِيقُهُ مَحَبَّةُ الْأَخْيَارِ))([19]) 
 
أقول سنقتصر في الحديث الآن على قوله ( عليه السلام ) (واذنه الفهم) وقوله (دليله الهدى) كما سيأتي 
 
شرائط استقامة الاستنباط 
 
أولاً: استقامة السليقة 
 
وقال المحقق القمي في القوانين 
 
ثم ان تحقق هذه الملكة واستقامتها وجواز الاعتماد عليها كما ذكره بعض المحققين، يستدعي أموراً: منها عدم إعوجاج السليقة)([20]) 
 
أقول: استقامة السليقة من شرائط استقامة الاستنباط – وهو العنوان الثاني – لا من شرائط تحقق الملكة. 
 
ثم ان استقامة السليقة في الذهن والفكر هي كاستقامة المزاج في الأعضاء والحواس، فكما ان مختل الحواس كالأعشى والأحول ومن اختلت حواس شمّه أو ذائقته، لا يدرك الأمور على واقعها بل يرى الواحد اثنين أو يحس بطعم أو رائحة غير ما الأشياء عليه، كذلك معوج السليقة، ومما قد يستدل به على ذلك ان بناء للعقلاء على عدم الاعتماد على حدسياته، ولو شك فرضاً في ثبوت بناء لهم على الاعتماد عليه فانه دليل لبي لا إطلاق له، كما ان الأدلة اللفظية منصرفة عنه بالإرتكاز البيّن والانس الذهني الواضح([21]) 
 
وقال في النور الساطع في الفقه النافع([22]) (ان تحقق هذه الملكة وجواز الاعتماد عليها يستدعي أموراً تعرض لها الوحيد البهبهاني رحمه الله: 
 
الأول: ان لا يكون معوجّ السليقة والفهم؛ فإن اعوجاج السليقة آفة للحاسة الباطنة، كما ان الحاسة الظاهرة ربما تصير مؤوفةً، كما تكون بالعين آفة تدرك الأشياء بغير ما هي عليه، أو بالذائقة أو غيرهما كذلك. والاعوجاج ذاتي كما ذكر، وكسبي باعتبار العوارض مثل سبق تقليد أو شبهة أعجبته، ونظيره نظير الذائقة التي تأثرت بالمرارة فكل شيء تذوقه تجده مرّاً وقس عليها سائر الحواس). ثم مثل له بـ (أقول: ويناسب ذكره شاهداً على ذلك ما روي: أن في زمان الباقر ( عليه السلام ) كان رجل يسرق ويتصدق به محتجاً بقوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا)([23]). معتقداً أن عشر حسناته بإزاء سيئة سرقاته، ويبقى له تسعة أعشارها وهي تنفعه، وكان يكابر مع الإمام ( عليه السلام ) ولا ينتهي بقوله ونهيه) 
 
وكذا الرجل الذي كان في زمان الصادق ( عليه السلام ) يوجب غسل دبره بخروج الريح ومنشأ خياله ظاهر([24]). 
 
وقد بلغ اعوجاج السليقة ببعضهم بدعواه طهارة المني؛ لقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)([25])([26]) 
 
ويحكى أن بعض القضاة حكم بدفن رجل حي شهد الشهود بموته في زمن غيبته وثبت عنده موته وحكم به زاعماً أنه ميت شرعاً والميت يجب دفنه شرعاً!. 
 
وطريقة معرفة الاعوجاج هو العرض على أفهام الفقهاء واجتهاداتهم، فإن وجد فهمه واجتهاده وافق طريق الفقهاء، فليحمد الله ويشكره وإن يجد مخالفتها فليتّهم نفسه، كما أن من ذاق شيئاً فوجده مرّاً فقال له أهل الذوق: إنه ليس بمرّ، يجزم بأن ذائقته مؤوفة مغشوشة. 
 
لكن ربما يلقي الشيطان في قلبه أن موافقة الفقهاء تقليد ونقصُ فضيلةٍ، فلا بد من المخالفة حتى يصير الإنسان مجتهداً فاضلاً، ولا يدري أنّ هذا غرور من الشيطان وأن حاله حينئذٍ حال ذي الذائقة المؤوفة حينما قالوا إنه ليس هاهنا مرارة، فيقول: أنا أراه مرّاً ولا أقلّدكم وتكونون أفضل مني) - انتهى. 
 
أقول: وقد يمثل له أيضاً: بمن توهم أن (رفع الحاجب) في الغسل يراد به رفع الحاجب الذي على العين، إلى أعلى حين الغسل!، لا رفع الحاجز عن وصول الماء للبشرة، وبمن قال بان الاستصحاب مأخوذ من السحب لسحبه الماضي إلى الآن مع وضوح انه من مادة صحب لا سحب! 
 
وبالعامة الذي توهموا ناقضية لمس المرأة، للوضوء، وبهم إذ توهموا ان المراد من (المباشرة) في الآية المعنى الحقيقي لا الكنائي، وبغير ذلك([27]) 
 
ثانياً: التورع عن التهور في الفتوى 
 
ومنها ما ذكره أيضاً المحقق القمي في القوانين (ان لا يكون جريئاً في الفتوى غاية الجرأة، ولا مفرّطاً في الاحتياط، فإنّ الأوّل يهدم المذهب والدّين، والثاني لا يهدي إلى سواء الطريق ولا يقضي حاجة المسلمين، بل ربّما يشوّه الدِّين ويشوّش الشرع المبين)([28]) 
 
أقول: الجرأة غاية الجرأة على الفتوى، تسلب الوثوق النوعي بنظره وفتواه، ألا ترى الطبيب المتهور المتجرأ على تشخيص المرض والعلاج دون تثبت وتروّ، لا يعتمد عليه العقلاء؟ وألا ترى كثرة من يقتله أو يعطبه من المرضى؟ 
 
ثم ان من الجرأة في الفتوى، مخالفة المشهور، دون تثبت وتروّ، فكيف إذا كانت مخالفته المشهور لمجرد كسب الشهرة أو لمجرد ان يُعرف عنه أنه جريء متنوِّر؟! 
 
بل لا بد في مخالفة مشهور الفقهاء من الثبت والتروي إذ ((سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ وَ إِلَى الْقُضَاةِ أَيَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَيْهِمْ فِي حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ فَإِنَّمَا تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ... قَالَ قُلْتُ فَإِنَّهُمَا عَدْلَانِ مَرْضِيَّانِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يُفَضَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ فَقَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ مِنْ رِوَايَتِهِمْ عَنَّا فِي ذَلِكَ الَّذِي حَكَمَا بِهِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِكَ فَيُؤْخَذُ بِهِ مِنْ حُكْمِنَا وَ يُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيهِ))([29]) 
 
و((خُذْ بِمَا اشْتَهَرَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ وَدَعِ الشَّاذَّ النَّادِرَ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي إِنَّهُمَا مَعاً مَشْهُورَانِ مَرْوِيَّانِ مَأْثُورَانِ عَنْكُمْ فَقَالَ ع خُذْ بِقَوْلِ أَعْدَلِهِمَا عِنْدَكَ وَ أَوْثَقِهِمَا فِي نَفْسِكَ فَقُلْتُ إِنَّهُمَا مَعاً عَدْلَانِ مَرْضِيَّانِ مُوَثَّقَانِ فَقَالَ ع انْظُرْ مَا وَافَقَ مِنْهُمَا مَذْهَبَ الْعَامَّةِ فَاتْرُكْهُ وَ خُذْ بِمَا خَالَفَهُمْ قُلْتُ رُبَّمَا كَانَا مَعاً مُوَافِقَيْنِ لَهُمْ أَوِ مُخَالِفَيْنِ فَكَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ إِذَنْ فَخُذْ بِمَا فِيهِ الْحَائِطَةُ لِدِينِكَ وَ اتْرُكْ مَا خَالَفَ الِاحْتِيَاطَ فَقُلْتُ إِنَّهُمَا مَعاً مُوَافِقَانِ لِلِاحْتِيَاطِ أَوْ مُخَالِفَانِ لَهُ فَكَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ ع إِذَنْ فَتَخَيَّرْ أَحَدَهُمَا فَتَأْخُذَ بِهِ وَ تَدَعَ الْأَخِيرَ))([30]) نعم لو اطمأن حسب الأدلة بالخلاف بعد استفراغ الوسع والفحص الكامل فله ان يعمل به. 
 
كاشف الغطاء مع المحقق الحلي في عتاب علمائي! 
 
ولنختم بقضة معبّرة عن أستاذ الفقهاء الشيخ جعفر كاشف الغطاء إذ فيها([31]) من الدلالة على تورع الفقهاء عن الجرأة في الفتوى دون دليل ودون فحص كافٍ وانهم لم يفتوا إلا بعد جهد وجهاد وفحص واحتياط شديد، فكيف يُتجرّأ على المخالفة دون تثبت وتروّ! 
 
فقد نقل السيد الوالد في (قصص عظماء الإسلام):([32]) 
 
ذكر صاحب (اللمعات) قال: ذكر أستاذنا الشيخ حسن بن الشيخ جعفر صاحب كتاب (كشف الغطاء): (أن الشيخ الكبير بعد نوم طفيف في الليل، كان يطالع حتى وقت صلاة الليل، ثم يقوم للصلاة والتضرع والمناجاة حتى الصبح، وفي إحدى الليالي سمعنا صراخه وصياحه وهو يضرب على رأسه ووجهه، فاستوحش إخواني من هذا المشهد، فأسرعنا إليه فوجدناه في حالة غير طبيعية، ودموعه تسيل على وجهه حتى ابتلت لحيته، فأخذنا بيده، ولما سألناه عن السبب في ذلك؟ قال: في أول الليل كانت تخطر على بالي مسألة فقهية وقد بيّن العلماء الأعلام حكمها، وأردت دليلها من أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) فأخذت أبحث لساعات في كتب الأخبار فلم أهتد إليها، ولما بلغ بي التعب أشده قلت: جزى الله العلماء خيراً حكموا بدون دليل! ثم نمت فرأيت في عالم الرؤيا كأني أتوجه لزيارة الحرم المطهر لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) فلما وصلت إلى مكان خلع الأحذية رأيت أمام الإيوان مفروشاً ورأيت منبراً عالياً في صدر المجلس، وكان شخص موقر وصاحب وجه نوراني على المنبر مشغولاً بالدرس، وكان أمام الإيوان مملوءاً من العلماء الأعلام، فسألت أحدهم: من هم هذه الجماعة؟ ومن يكون هذا المدرس؟ فقال في جوابي: إن هذا المدرس هو المحقق الأول صاحب (الشرائع) وهذه الجماعة هم علماء الإمامية، فسررت من ذلك وغمرني الفرح وتقدمت إلى المنبر وسلمت على المحقق، وكنت متوقعاً أن يلتفت إلي ويعتني بين لكنه لم يعر لي اهتماماً، ولم يكن رد سلامه لي حاراً فتألمت من ذلك وعتبت عليه وقلت له: ألستُ من علماء الإمامية؟ 
 
فقال لي: أي جعفر! إن علماء الإمامية قد تحملوا المصاعب الكثيرة حتى جمعوا أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام) من الرواة في أطراف البلاد، وكتبوا كل حديث في محله مع أسماء الرواة وأحوالهم وتصحيح رواياتهم وتوثيقها وتضعيفها، حتى تكون سهلة المنال لأمثالكم، وأنت بأربع ساعات تجلس على الفرش وتلاحظ بعض الكتب الحاضرة دون جميعها ثم تعترض على العلماء بأنهم أفتوا بدون مستند ودليل؟ مع ان هذا الرجل الحاضر والجالس تحت المنبر في عدة مواضع في كتابه كتب وروى حديث هذا الحكم، وكتابه من ضمن الكتب الموجودة عندكم، ومؤلفه هو الملا محسن الفيض، فارتعشت من كلام المحقق هذا، وفزعت من النوم، مظهراً ندمي على ما بدر مني، ثم راجعت فوجدت في الكتاب المذكور الرواية التي أردتها). وللحديث صلة 
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
 
 
([1]) جرى طرح هذا البحث، مستقلاً عن المباحث السابقة، بمناسبة مولد أمير المؤمنين عليه صلوات الله وسلامه. 
 
([2]) كما فصلناه في كتاب (رسالة في مبادئ العلوم) وفي مقدمة كتاب (المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول). 
 
([3]) من ان مبحث الاجتهاد والتقليد هو مبحث أصولي أو فقهي، وقد فصلناه سابقاً فلاحظ 
 
([4]) إن كان مصب البحث على (الحجية)، فاصولية أو (الجواز) ففقهية. 
 
([5]) وهذا هو ما بحثناه مفصلاً في كتاب (الضوابط الكلية لضمان الإصابة في الأحكام العقلية). 
 
([6]) كـ: جامع السعادات للشيخ النراقي والفضيلة الإسلامية للسيد الوالد. 
 
([7]) بحثنا جوانب من ذلك في كتاب (شورى الفقهاء – دراسة فقهية أصولية). 
 
([8]) وهذا المقطع ورد في الكافي الشريف أيضاً، وغيره فلاحظ. 
 
([9]) وقد يستدل بالبرهان الاني من افتقادها على افتقاد العلم أو افتقاد كماله أو افتقاد تأثيره أو غير ذلك مما سيأتي تفصيله. 
 
([10]) فكما يفتقد عديم الرأس الحواس الأربعة بل الخمسة فلا يبصر ولا يسمع ولا يشم ولا يتذوق ولا يلمس، فكذلك عديم التواضع يفتقد الطريق إلى معرفة الحقائق فلا يراها ولا يسمعها.. الخ. 
 
([11]) فان المبتلى بداء الحسد يحجبه حسده عن مشاهدة الحقائق والوصول إلى المطالب، كما سيأتي.
 
([12]) وفي نسخة: معرفة الأسباب بالأمور (أو: والأمور). 
 
([13]) فان الحكمة وضع الأشياء مواضعها ووضع العلم موضعه لكي يكون منجياً لا مردياً لا يكون إلا بالورع. 
 
([14]) بعهد الله، والوفاء للناس. 
 
([15]) السيف يُقاتَل به العدو القريب، والقوس يُرمى به العدو البعيد و(الرضا) سلاح مقابل المصائب الحالّة و(المداراة) تحول دون تجدد المصائب والعداوات. 
 
([16]) أي رأسماله الذي يتجر به، وفي نسخة: ومآله الأدب أي ما يؤول إليه ويرجع له. 
 
([17]) فانها ما يدخره الإنسان لآخرته. 
 
([18]) إذ يتزود به الآن في سفره. 
 
([19]) الكافي ج1 ص48. 
 
([20]) القوانين المحكمة في الأصول المتقنة ج4 ص509. 
 
([21]) بل هو كثرة الاستعمال الموجب للانس الذهني بالمستقيم السليقة. فتأمل 
 
([22]) النور الساطع في الفقه النافع ج1 ص118-119. 
 
([23]) الأنعام 160. 
 
([24]) وهو مماسة الريح للغائط في داخل الأمعاء. 
 
([25]) الإسراء: 70. 
 
([26]) ومع وضوح عدم دلالة الآية عليه عرفاً ولغة وحسب الروايات، فانه ينقض بالدم ودعوى أنه طاهر لأن قوام حياة بني آدم به فكيف يكون نجساً مع ان الله كرّم بني آدم! وينقض بميت المؤمن، بل حتى ببوله وغائطه. 
 
([27]) على تأمل في انطباق بعض الأمثلة على المقام. 
 
([28]) القوانين المحكمة في الأصول المتقنة ج3 ص509. 
 
([29]) الكافي الشريف ج1 ص67. 
 
([30]) عوالي اللآلي ج4 ص 133. 
 
([31]) إضافة إلى إحرازنا ذلك خارجاً، فالقصة مؤَّيد ولم نتخذها دليلاً. 
 
([32]) قصص عظماء الإسلام ص194-195.

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الثلاثاء 13 رجب 1435هـ  ||  القرّاء : 5280



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net