124- الاستدلال برواية (هدايا العمال غلول) البذل ابتداء او بعد المطالبة ـ البذل صريحاً او مصالحة او وقفاً ... عناوين اخرى متنوعة
الأربعاء 9 شعبان 1434هـ




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
هل يصح الاستدلال برواية هدايا العمال غلول؟
واما روايتا (هدايا العمال غلول) و(سحت) المنقحتان لموضوع السحت في المقام، فإنه بناءً على حجية مراسيل الثقات وما رووه عن المهملين[1]، فالأمر سهل، بل قد تعضد بروايات أخرى من نظائرها كرواية الأصبغ المضعَّفة بأبي الجارود وسعد الأسكاف (وأن أخذ الهدية كان غلولاً)[2].
لكن عمدة الإشكال عليهما[3] انهما في (الوالي) ولا مناط قطعي كي يعمم للقاضي والموظف – غير الوالي – والآمر بالمعروف وغيرهم وإن ارتأى في (الفقه المكاسب المحرمة) وحدة الملاك، لكن الظاهر عدم إحرازه إذ ملاكات الأحكام وتزاحماتها مما ليست بأيدينا كما فصلناه في بعض المباحث السابقة.
7- البذل ابتداء أو بعد المطالبة
المجموعة السابعة: ما يتعلق بـ(البذل) أيضاً:
فقد يكون البذل ابتداءً من أحد المترافعين أو كليهما أو ثالث، وقد يكون بعد المطالبة.
فقد يفرق بصدق الرشوة إذا طالب القاضي ونظائره بالمال، وعدم صدقها إذا لم يطالب بل ابتدأه أحد المترافعين بها، لكن الظاهر صدق الرشوة حتى لو لم يطالب إذا كان بذلها ليحكم له وفي بعض الصور الأخرى، مما يتضح بملاحظة ما سبق ذكره.
ويوضحه: ملاحظة نظائره كـ(الربا) فانه هذا العنوان صادق سواءً أسأل أم ابتدأ.
8- البذل صريحاً أو مصالحة أو وقفاً أو...
المجموعة الثامنة: ما يتعلق بـ(البذل) أيضاً.
فقد يكون البذل صريحاً، كما لو قابل المال بالحكم له، وقد يكون بعنوان آخر كأن يجري معه معاملة محاباتية كي يحكم له أو ان يصالحه على شيء أو يعقد شراكة معه أو يهبه هبة معوضة أو يضاربه أو يزارعه أو يساقيه أو يوقف له ولذريته وقفاً أو ما أشبه ذلك.
والظاهر انه لا فرق في صدق الرشوة بين تلك الصور كلها، كما ان الظاهر صدق الرشوة على نفس (العقد) المحاباتي، لا خصوص ما يدفعه له به.
وذلك هو ما نقل عن الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي في حاشيته على المكاسب من ان عنوان الرشوة يصدق على نفس المعاملة[4] لكن ارتأى السيد الوالد في الفقه المكاسب المحرمة[5] (ان صدق الرشوة في العقود والإيقاعات تسامحي) كما ناقش في ذلك فقه الصادق[6] وارتأى السيد الخوئي في مصباح الفقاهة[7] (الكلام في المعاملة المشتملة على المحاباة بعينه هو الكلام فيما تقدم من الرشوة).
والظاهر التفصيل: بين ما لو كانت الرشوة هي المقصود أولاً وبالذات وكانت المعاملة المحاباتية مصداقاً محققاً لها، فهي رشوة محرمة والمعاملة باطلة، وما لو كان كل منهما – الرشوة والمحاباة – مقصوداً ومطلوباً لذاته، وكان معاً المصبّ فكذلك، وما لو كانت المعاملة هي المقصود أولاً وبالذات والمصب وكان التوصل بها إلى الحكم، كالشرط فيها، فذلك يتوقف – في حكمه الوضعي – على كون الشرط الفاسد مفسداً أولا[8]، وما لو كانت كذلك لكن كان التوصل بنحو الداعي – بدرجاته قرباً وبعداً وقوة وضعفاً -.
وقد سبق بعض ما ينفع في المقام، ونترك تفصيل الأقوال والأدلة ومناقشاتها للبحوث القادمة إنشاء الله.
عناوين بحوث عديدة أخرى:
كما بقيت هناك بحوث عديدة أخرى متصلة أو مترابطة أو مشابهة، قد نوفق لبحثها لاحقاً:
منها: تتمة البحث في العديد من الأدلة السابقة، مثل الدليل على ان اللعن في روايات (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش) يفيد الحرمة مع كثرة استعمال اللعن في المكروهات، ومثل مباحث أخرى عديدة في آيتي (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) و(لا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) وآية (أَكْلِهِمْ السُّحْتَ).
منها: الحكم الوضعي للرشوة.
ومنها: تفصيل البحث عن الهدية.
ومنها: حكم ارتزاق القاضي من بيت المال.
ومنها: حكم أخذه الأجرة من بيت المال أو غيره.
ومنها: فروع في اختلاف الدافع والقابض، وهي فروع كثيرة.
ومنها: صورة اختلاف الدافع والقابض اجتهاداً في كونها رشوة أو محرمة، حكماً ووضعاً.
ومنها: الرشوة في إطار قاعدة الإلزام.
ومنها: حكم ما لو تلفت الرشوة.
ومنها: مباحث تتعلق بالرائش والوسيط.
ومنها: تفصيل البحث عن البذل على المباح، من حقوقه أو غيرها.
ومنها: تفصيل بعض ما لم يذكر من كون (المبذول عليه)، المنفعة أو الانتفاع أو غيرهما.
ومنها: غير ذلك.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
[1] - إذ رواية الطوسي في الآمالي (هدية الأمراء غلول) تضمنت بعض المهملين ظاهراً مثل من روى عنه الطوسي مباشرة وهو (أبو عمر) والمقصود به (عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي) وهو مهمل لم يذكره علماء الرجال ولم يعثر عليه أيضاً في مستدركات علم رجال الحديث ج5، ص153 وقال في مصباح الفقاهة ج35، ص419: انه ضعيف السند.
[2] - قد يوثق أبو الجارود (زياد بن المنذر) نظراً لاكثار علي بن ابن إبراهيم في تفسيره الرواية عنه، ولكونه من أصحاب الأصول التي اعتمد عليها الصدوق وحكم بصحتها واستخرج منها أحاديث الفقيه، وقد يوثق سعد الاسكاف (وهو سعد بن طريف) لقول الشيخ (انه روى عن الأصبغ بن نباتة وكان صحيح الحديث) وعدم وضوح مراد النجاشي في قوله (يعرف وينكر) وقد بحثنا حالهما بتفصيل أكثر في بعض مباحثنا السابقة، وراجع مستدركات علم رجال الحديث في زياد بن المنذر وسعد بن طريف.
[3] - إضافة إلى الإشكال على (هدايا العمال – أو الأمراء – غلول) انها محتملة لمعاني ثلاثة منها: كونها إضافة للفاعل أو المفعول.
[4]- فقه الصادق ج21، ص66.
[5]- المكاسب المحرمة ج1، ص185.
[6] - فقه الصادق ج21، ص67.
[7] - مصباح الفقاهة ج35، ص423.
[8] - بل: ويتوقف على صدق عنوان الرشوة حينئذٍ – حين الاشتراط – وعدمه.
الأربعاء 9 شعبان 1434هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |