158- الجواب عن اشكال النائيني: 1ـ تبديل طرفي العلقة والعلقتين معاً، واستحالة تبديل المتعلّقين دون العلقتين 2ـ امكان ووقوع تبديل المالكين والمملوكين والملكتين
الاحد 21 جمادى الاولى 1438هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(158)
مناقشات مع الميرزا النائيني:
ولكن قد يورد على الميرزا النائيني:
1- مبنىً: العلقتان تتبدلان بتبدل المتعلَّقين، فلا انقلاب
أولاً: بعدم لزوم الانقلاب إذ الانقلاب إنما يلزم – لو لزم([1]) وسيأتي ما فيه – لو تبدل المتعلَّقان ولم تتبدل العُلقتان كما سبق بيانه([2]).
لكن من الواضح أن العلقتين تتبدلان بتبع تبدل المتعلَّقين فانه حيث انتقل الكتاب مني إلى زيد انتقلت ملكيتي له إليه وبالعكس انتقلت الدراهم وملكيتها منه إليَّ.
بل ان دعواه تبديل الطرفين مع بقاء العلقتين، مستحيلة
بل إن دعوى الميرزا النائيني غير معقولة فلسفياً كما هي غير مقبولة عرفياً:
أما انها غير معقولة فلسفياً فلأن الملكية من الأمور الإضافية([3]) القائمة بالمملوك من جهة وبالمالك من جهة أخرى إذ لا تعقل الملكية للاشيء أو معلَّقة بالفضاء لا على شيء كما لا تعقل مملوكية وملكية بلا مالكية لذا يقال: ملكية فلان لكذا.
وعليه: فإذا انتقل المملوك من زيد إلى عمرو انتقلت الملكية القائمة بهذا المملوك كما انتقلت المالكية من زيد إلى عمرو، ويستحيل انتقال المملوك بما هو مملوك أي المملوكية دون انتقال الملكية له فانه كاستحالة انتقال المظلة العالية مثلاً من مكان إلى آخر وبقاء فوقيتها في المكان السابق!
والحاصل: أنه كما يستحيل انعدام أو انتقال منشأ الانتزاع بدون انتقال أو انعدام المنتزَع منه يستحيل انعدام أو انتقال أحد المتضايفين أو المضاف المتقوم بأمر دون انعدام أو انتقال المضايف الآخر أو المضاف إليه.
وصفوة القول: أن هذه الستة: المالكيتان والمملوكيتان والملكيتان وجوداً وعدماً وانتقالاً وثباتاً متلازمة، وستأتي عبارة السيد الوالد عن ذلك.
لا يقال: مراد الميرزا اللابشرطية لا البشرط لائية، أي أنه عنى أن مقوّم البيع هو تبديل المملوكين والمالين دون تبديل الملكيتين، لا أنه مشروط بعدم الأخيرين فلا يرد عليه إشكال الاستحالة؟
إذ يقال: بل كلامه صريح في البشرط لائية فلاحظ قوله السابق: (وقد تقدم أن البيع هو المبادلة بين طرفي العلقة لا بين نفس العلقتين) وأصرح منه قوله: (وتبديل الطرفين مع بقاء العلقتين يقتضي أن يصير الملك الذي كان طرفاً...) إضافة إلى أن دعواه الانقلاب تتوقف على البشرط لائية فراجع عبارته يتضح ذلك لك جلياً.
وأما أنها غير مقبولة عرفياً فلوضوح أن العرف يرون انتقال الكتاب وبتبعه انتقال ملكية زيد له إلى عمرو المشتري، ولا نجدهم يتعقلون انتقال الكتاب إلى عمرو مع بقاء ملكية زيد له بل لعله يعتبر مما يضحك ثكلاهم ويبكي قتلاهم!
2- إمكان وعقلائية تبادل المالكين والملكيتين والمملوكين
ثانياً: أن التبادل متصور – في مطلق المعاوضات ومنها البيع – بين الثنائيات الثلاث جميعاً:
أما تبديل المملوكين فهو واضح وهو الذي اعتبره الميرزا النائيني حقيقة البيع ولا غير قال: (إذا عرفت ذلك فاعلم أن الدليل والاعتبار يساعدان مع كون التبديل بين المالين لا بين الاضافتين)([4]).
وأما تبديل الملكيتين؛ فلأنه قد يتعلق الغرض والعناية بنفس الحصول على عنوان الملكية لشيء ما دون أن يكون لخصوصية المملوك المتعلقة به مدخلية في غرضه، وذلك كما لو كان عنوان ملكيته لشركةٍ ما مهماً لديه (ونظيره عنوان كونه متولياً أو ناظراً على مدرسة أو حسينية بدون أن يكون محطِّ نظره وغرضه المدرسة أو الحسينية بنفسها) فيبذل المال بإزاء تملكه لها وإن استتبعه انتقال المملوك له قهراً لما سبق من تلازم الأمور الستة.
وأما تبديل المالكين؛ فلأن خصوص ذلك قد يكون محط النظر ومرمى البصر ومحقق الغرض دون خصوصية المملوك أو خصوصية الملكية أو الحقية أو الولاية أو غيرها وذلك كما لو كنا لا نريد أن يكون العدو (الإسرائيلي مثلاً) مالكاً لبعض أراضي النجف؛ فان المشكلة هي فيه كمالكٍ أي في كونه بما هو عدو مالكاً من غير فرق بين نوع المملوك وأنه أرض أو معمل أو مقهى ولا بين نوع علقته به وانه ملك أو حق اختصاص أو ولاية أو ناظرية أو غير ذلك.
والحاصل: أنه قد يتعلق الغرض بتبديل المالكين كشخصين في دولتين متعاديتين يملكان ممتلكات كثيرة كل منهما في الدولة الأخرى، فيجري تبديل المالكين بمعاهدة ما أو اتفاق وقد يغض النظر لذلك الغرض عن خصوصية ونوع الممتلكات بل وعن تعادلها بالضبط.
ومن أمثلة محورية المالك ونظائره وتبديله ونظائره: ما سبق من قيام حق الشفعة بالشريك دون غيره، حتى ادعى البعض استحالة نقله لغيره وكذا حق الخيار.
ومن الأمثلة العامة: منع الزوجة من الإرث من الأرض ومن عين البناء؛ ولعل الحكمة: كي لا تُدخِل عليهم أجنبياً عنهم إذا تزوجت، فمصب المنع هو الزوجة كشخص لمشكلة فيها – من حيث احتمال ادخالها الأجنبي عليهم - لا لمشكلة في الملكية أو المملوك.
ومن الأمثلة إرث الكافر وهكذا.
وعليه: فالبيع متصور في الحالات الثلاث، وقد يستأنس لكون البيع تبديل المملوكين بالتعريف المشهور أنه مبادلة مال بمال كما قد يستأنس لكونه تبديل الملكيتين بالتعريف العقلائي: انه تمليك عين بعوض، وقد يستشهد بالمجموع على أنه أعم.
المناقشة في الإشكال الثاني
لكن قد يشكل على ما سبق بأن المتعارف في البيع هو تبديل المملوكين لا تبديل الملكيتين فكيف بتبديل المالكين، فذلك يوجب انصراف أدلة البيع كـ(أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) عن الشمول لمثل تبديل الملكيتين؟ ولتحقيق ذلك لا بد من تحقيق منشأ الانصراف وانه بدوي أو لا وسيأتي غداً بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إِنْ أَرَدْتُمْ عَيْشَ السُّعَدَاءِ وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ وَالنَّجَاةَ يَوْمَ الْحَشْرِ وَالظِّلَّ يَوْمَ الْحَرُورِ وَالْهُدَى يَوْمَ الضَّلَالَةِ، فَادْرُسُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ كَلَامُ الرَّحْمَنِ وَحِرْزٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَرُجْحَانٌ فِي الْمِيزَانِ"
جامع الأخبار: ص41.
.............................................
الاحد 21 جمادى الاولى 1438هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |