||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 59- فوائد التعريف للموضوعات والمفاهيم العرفية كالبيع

 195- مباحث الاصول - (الوضع) (2)

 400- فائدة فقهية: اقتضاء الصحة في إنشاء الصبي والفضولي

 174- ( عصر الظهور ) بين عالم الإعجاز وعالم الأسباب والمسببات

 162- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (9): علوم الاقتصاد، السياسة، الإجتماع، الإدارة، الحقوق والقانون

 34- فائدة اصولية: تأخير البيان عن وقت الحاجة ليس قبيحاً على إطلاقه

 75- أنواع الحجج في أبواب الأصول

 255- موقف الشريعة من الغنى والثروة والفقر والفاقة

 417- فائدة أصولية: تخيير المجتهد بين العمل برأيه أو تقليد المساوي له في العلم

 153- فائدة لغوية: الفرق بين اللهو واللهي



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23945281

  • التاريخ : 18/04/2024 - 03:42

 
 
  • القسم : التزاحم (1440-1441هـ) .

        • الموضوع : 201- ليس القطع معذرا بل الجهل عن قصور - حكم العقل في دائرة الشرع غير محتاج للإمضاء .

201- ليس القطع معذرا بل الجهل عن قصور - حكم العقل في دائرة الشرع غير محتاج للإمضاء
الاثنين 2 شعبان 1440هـ



 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(201)

 

القطع مركب من جزم وجهل (أو إصابة)

سبق: (إن القطع غير المطابق للواقع في حقيقته مركب من جهل وجزم أي من جهل بالواقع وجزم بخلافه، ومدار الإعذار هو الجهل والقصور لا الجزم)([1]) ونعني بكونه مركباً من جهل وجزم انه مركب من متعلِّق ومتعلَّق فان القطع غير المطابق للواقع عبارة عن (قطع بخلاف الواقع) أو فقل (قطع بالخطأ) فالمتعلِّق هو الجزم والمتعلَّق هو اللاواقع أو خلاف الواقع والخطأ، ولا شيء منهما بحجة بمعنى الكاشف:

 

ولا شيء من الجزم والجهل بحجة، فليس القطع حجة

اما القطع أي الجزم فلفرض انه مخالف للواقع فليس بكاشف ثبوتاً عنه، واما متعلَّقه فلأنه اللاواقع بعينه فكيف يكشف عن الواقع؟

كما انه لا شيء منهما بمعذر ولا منجز: أما انه ليس بمنجز فلفرض انه مخالف للواقع فكيف يوجب استحقاق العقاب بالمخالفة؟ واما العقاب على التجري – على فرض القول به – فانه أجنبي عنه إذ ليس العقاب فيه على مخالفة الواقع بل على التجري وهو فعل أو صفة نفسية، واما انه ليس بمعذر فلأن الإعذار والاعتذار يدوران مدار الجهل عن قصور لا الجزم والقطع بخلاف الواقع فانه كالحجر في جنب الإنسان؛ ألا ترى انه لو كان جاهلاً بالواقع جهلاً بسيطاً عن قصور كان معذوراً فلو زاد عليه بان صار جهلاً مركباً بان قطع بالخلاف فانه لا يكون به معذوراً فانه تحصيل حاصل، وليست للمعذِّرية درجات.

والحاصل: ان القطع بخلاف الواقع جهل بالواقع مع القطع بانه الواقع والأول مع كونه عن قصور مدار الإعذار دون الثاني، ولو كان القطع بذاته مدار الإعذار للزم ان يكون مداره إذا كان عن تقصير أيضاً مع انه ليس معذوراً حينئذٍ قطعاً، فظهر بذلك أولاً: ان القطع ليست الحجية([2]) ذاتية له وإلا لما انفكت عنه، وثانياً: انها ليست عارضة عليه أصلاً (فكيف بان تكون ذاتية له) بل هي عارضة على الجهل سواء أنفك عنه كالجهل البسيط أم تضمن فيه كالجهل المركب.

بعبارة أخرى: القطع هو البتّ والفصل يقال قطعت الشجرة مثلاً، وسمي القطع قطعاً لأن الشخص يبت في الأمر به ويقطع شكه بالجزم، وكما ترى فان هذه حالة نفسية (أو كيفية ذهنية) ولا ربط لها بما هي هي بالإصابة والكاشفية ولا بغيرها (كالمعذِّرية).

 

لا قيمة للقطع في مقامي الاحتجاج والعذر والاعتذار

بعبارة أجمع: ليس القطع بما هو قطع (لا فيما إذا كان علماً، فانه أحد فرديه، والقطع بما هو في ضمن أحد فرديه وهو العلم أي بما هو مطابق للواقع، غير القطع المقسمي) ذا قيمة أبداً في مقامين: مقام الاحتجاج ومقام الإعذار والاعتذار: أما الثاني فلما سبق، واما الأول لأن القطع صفة لازمة غير متعدية وكيف يحتج أحد الطرفين على الآخر بقطعه هو؟ اما البرهان فهو القابل لأن يعقله الطرف الآخر وان ينتقل إلى ذهنه فيستدل به على المدعى فيعلم به.

 

وجود القطع كالعدم، والمعذِّر الجهل عن قصور

وبذلك ظهر ان القائل مثلاً (انا قاطع بان الله غير موجود أو بان له شريكاً أو بان هذا المدعي لليمانية مثلاً حق، والقطع حجيته ذاتية) يجاب: بان قطعك هذا إنما وجوده كالعدم وان القطع بما هو قطع لا قيمة له أبداً (بل لا يسوى فلساً، بالتعبير الدارج) بل ان ذا القيمة هو الاستدلال والبرهان، والمعذّر هو الجهل عن قصور، واما القطع بما هو قطع (الأعم من الجهل المركب) فلا هو كاشف ولا هو معذّر ولا هو، بنحو القضية الحقيقية، لازم الإتباع.

بعبارة أخرى: القطع اما علم واما جهل مركب، اما الثاني فلا حجية له بوجهٍ لما سبق من تركبه من جزم وجهل (أو خطأ) أما الأول فهو الحجة بنحو القضية الحقيقية، واما دعوى القاطع بان قطعه علم فهي دعوى بلا دليل؛ إذ القطع أعم من الإصابة، نعم هو يرى ذلك لكن رؤيته أعم من المطابقة غاية الأمر انه معذور لو كان عن قصور (وسبق ان المعذر دقةً هو جهله عن قصور لا قطعه).

 

صحة ردع القاطع عن قطعه، وبعض ثمراته

ومما يتفرع على ذلك: انه يصح للمولى ان يردع القاطع عن إتباع قطعه، ولا يمنع من ذلك ما اعتبره البعض محذوراً وهو ان العبد سيرى المولى مناقضاً لنفسه؟ إذ نقول: فليرَ العبد ذلك؟ إذ أي محذور فيه؟ فان المولى لو رأى عبده قاطعاً بالخلاف وجب عليه ردعه ولا يمنعه توهم العبد مناقضته لنفسه من ردعه، إذ مصلحة ردعه أهم من مفسدة توهمه كون مولاه متناقضاً مع احتمال جدوائية ردعه بزحزحة قطعه([3]) وبذلك يندفع إشكال اللغوية أيضاً والجواب عنه، إضافة إلى ذلك: ان كون الردع في الجملة مؤثراً، كاف في نفي اللغوية إذ يكفي في الحكمة إنشاء الأمر والنهي مع تحقق الانبعاث أو الانزجار عنهما في الجملة ويشهد له صدور الأوامر والنواهي رغم العلم بكثرة العصاة، وحيث كانت أحكام الشارع بنحو القضايا الحقيقية صح ذلك مطلقاً.

نعم خصوص هذا القاطع في هذا الأمر لو علم المولى ان ردعه لا يزحزحه عن قطعه أبداً فانه يكون ردعه لغواً حينئذٍ بل قد تكون ههنا أيضاً جهة أخرى مرجحة مفيدة للفائدة كإتمام الحجة على الغير أو عليه لاحقاً أو شبه ذلك مما فصلناه في كتاب (الأوامر المولوية والإرشادية) و(فقه التعاون على البر والتقوى) و(الحجة معانيها ومصاديقها) فراجع.

بعبارة أخرى: لو ادعى القاطع بانه عالم، أجبناه: اما قطعك فمعلوم فرضاً (إذ ان كثيراً منهم كاذب في دعواه القطع أو هو ظان متوهم انه قاطع) واما الإصابة (وهي قوام كون قطعه علماً لا جهلاً مركباً) فما هو دليلك عليها؟ وبذلك ننقله من ساحة القطع القائم بالنفس غير القايل للاستدلال عليه، إلى ساحة الاستدلال.

 

العقل في مواجهة عناوين الموضوعات

ثم ان العقل في أحكامه عندما يواجه عناوين الموضوعات، على قسمين:

فانه تارة: يرى عنوان الموضوع علّة تامة لثبوت الحسن أو القبح له، كالعدل بالنسبة للحسن أو الظلم بالنسبة للقبح، وحينئذٍ يحكم عليه جزماً بانه حسن أو قبيح.

وتارة: يراه مقتضياً له، كالصدق بالنسبة للحسن أو الكذب للقبح وكرد الوديعة والإحسان للحسن، فهل يحكم حينئذٍ ظناً بحسنه أو قبحه؟ أو لا يحكم أصلاً؟

المشهور ان العقل لا يحكم إلا إذا قطع، وإنما يقطع في احدى صورتين: كون الموضوع تمام العلة للحسن أو القبح – كما سبق – أو لإحاطته بكل الجهات الدخيلة في الحسن والقبح وإن لم يكن الموضوع تمام العلة، وعليه: فانه إذا رأى الموضوع مقتضياً ولم يحرز الجهات كلها لم يحكم وإن ظن فرضاً، وستأتي منّا مناقشة ذلك، وبيت القصيد الآن في ان العقل في دائرة الشرع (مما يعد من غير المستقلات العقلية) لا يحكم إلا إذا قطع([4]).

 

خطوات العقل الثلاث في الحكم بحجية الطرق العقلائية

والظاهر: ان العقل عندما يلاحظ جملة من الطرق العقلائية كخبر الثقة والظواهر وشبهها، فانه لا يحكم بحجيتها في دائرة الشرع (أي كطرق إلى مرادات الشارع كما هي طرق إلى مرادات عامة العقلاء) إلا إذا أحرز الجهات كلها فيكون قاطعاً بالحجية حينئذٍ، وذلك يعني ان العقل:

يلاحظ أولاً: ان خبر الثقة مثلاً طريق نوعي عقلائي غالب الإيصال للواقع.

ثم يلاحظ ثانياً: (مادام يريد الحكم بحجية أمر في دائرة الشرع) ان الشارع سكت عن هذه السيرة العقلائية والبناء العقلائي وانه لولا اعتباره له طريقاً وإمضاؤه لكان مغرياً بالجهل إذ لم ينّبه العقلاء على انه ليس طريقاً له وإن كان طريقاً لديهم، ثم بعد ذلك كله:

يحكم ثالثاً: بان هذا الطريق حجة على مرادات الشارع قطعاً، والمراد بالحجية لزوم الإتباع والمنجزية والمعذرية.. فهذه الخطوات الثلاث هي التي يسلكها العقل، فلا يحتاج والحال هذه إلى إمضاء لأنه مسبوق بإحرازه فلا حاجة لأن يلحقه.

وذلك عكس ما ربما قد يتوهم من ان الخطوات أربع وهي:

1- ان العقل يلاحظ ان خبر الثقة طريق نوعي.

2- فيحكم ظناً بانه حجة لدى الشارع.

3- ثم يلاحظ ان الشارع سكت عن الردع عنه.

4- فيحكم حينئذٍ قطعاً بانه حجة لديه.

وبما سبق ظهر ان المقدمة الثانية غير صحيحة، فتدبر.

 

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

 

قال الإمام الصادق عليه السلام: ((مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَفِي رَأْسِهِ حِكْمَةٌ وَمَلَكٌ يُمْسِكُهَا فَإِذَا تَكَبَّرَ قَالَ لَهُ: اتَّضِعْ وَضَعَكَ اللَّهُ، فَلَا يَزَالُ أَعْظَمَ النَّاسِ فِي نَفْسِهِ وَأَصْغَرَ النَّاسِ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ، وَإِذَا تَوَاضَعَ رَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: انْتَعِشْ نَعَشَكَ اللَّهُ، فَلَا يَزَالُ أَصْغَرَ النَّاسِ فِي نَفْسِهِ وَأَرْفَعَ النَّاسِ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ‏)) (الكافي: ج2 ص312).

 

 

-----------------------------------------

([1]) الدرس (200).

([2]) بمعنى الكاشفية أو المعذرية، بل وبمعنى لزوم الإتباع عند لحاظ القضية بنحو الحقيقية.

([3]) بل ومع غير ذلك أيضاً.

([4]) على تفصيل سيأتي وان الحكم على نوعين والحجية كذلك.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الاثنين 2 شعبان 1440هـ  ||  القرّاء : 3928



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net