260- المحتملات في اصول الدين للمعاني المتعددة، كالكلام في الصلاة وسائر العبادات 1ـ الاشتراك اللفظي 2ـ الوضع للجامع الانتزاعي 3ـ الوضع للجامع العرضي ـ البروجردي 4ـ الوضع للمرتبة العليا ، والتنزيل في الباقي ـ النائيني 5ـ الوضع للاقل ـ كالاركان ـ والبقية دخيلة في المأمور به ـ القمي 6ـ تعدد اوضاع تدريجي ثم وضع للجامع التشكيكي 7ـ الوضع للمادة او الهيئة اللابشرط عن الاكثر
الاثنين 4 جمادى الآخر 1434هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ملخص ما تقدم
كان البحث حول الاجتهاد في اصول الدين - وهو معقد المسألة - وانه واجب عيني، والحديث حول المتعلق وهو اصول الدين، وذكرنا ان اصول الدين تطلق على معاني متعددة، فما هو نحوُ تصويرِ اطلاقها عليها؟
ذكرنا ان المحتملات متعددة؛ فـ:
1- الاشتراك اللفظي بأن يقال ان اصول الدين وضعت تارة للثلاثة؛ من وجود الله وتوحيده والنبوة وايضا المعاد، على رأي الأكثر، وتارة اخرى وضعت لما يشمل الولاية، وتارة ثالثة وضعت لما يشمل مثل الصلاة ايضا، إلى اخر ما مضى.
2- وكان المحتمل الثاني هو ما التزمه الميرزا النائيني من ان الصلاة مثلا وقس عليها سائر العبادات والمعاملات (وعلى غرارها يجري الحديث في مقامنا وهو اصول الدين) وضعت للمرتبة العليا الواجدة لكافة الاجزاء والشرائط، ثم استعملت في الصلاة الفاقدة لبعض تلك الاجزاء والشرائط تنزيلا، والظاهر ان الميرزا يرى المجازية في الاطلاقات اللاحقة ولا يقول بالحقيقة الادعائية.
3- ولنا ان نضيف هذا الوجه فيكون وجها جديدا بان يقال ان الصلاة - وكذلك اصول الدين - موضوعة للمرتبة العليا ثم بنحو الحقيقة الإدعائية نزلت سائر المراتب منزلتها فالتصرف في الأمر العقلي أي في عالم الثبوت ادعاءاً لا في اللفظ ليكون مجازا.
4- هو ان نقول بالجامع الانتزاعي وقد مضى .
5- ما ذهب اليه السيد البروجردي من ان الجامع عرضي
الوجه الخامس وهو ما ذهب اليه السيد البروجردي من ان الجامع عرضي فلا هو ذاتي مقولي ولا هو انتزاعي، والفرق بين الانتزاعي والعرضي واضح إذ هناك جواهر وهناك أعراض وهي تسعة وهناك اعتباريات وهناك انتزاعيات فهي أربعة أمور، فالوجه الجديد ان يقال بالجامع العرضي وقد طبقه السيد على الصلاة (فعلينا أن ننظر مدى إمكانية تطبيقه في مبحث أصول الدين، فهل هو ممكن او لا؟ وبعد الإمكان هل هو مستظهر أم لا؟)
السيد البروجردي يقول الجامع لكل هذه المراتب والأنواع من الصلاة الفاقدة والواجدة هو (نحوُ توجُّهٍ خاص)، فهذا الجامع العرضي يكون كالعلة الصورية (او قل كالهيئة) لكافة أنواع الصلاة كالفاقدة للتشهد نسيانا والواجدة وهكذا وهلم جرا، وليست الصلاة – بنظره – موضوعة لنفس الأجزاء والشرائط هذا هو التوجيه الأخر
ولا نطيل في النقض والإبرام إذ ليس محل كلامنا في البحث المبنائي، الا مجرد الإشارة لأصول المحتملات لكي تلاحظوا بعد ذلك دلالة الروايات في المقام على أي منها.
6- ما ذهب اليه صاحب القوانين من ان الصلاة موضوعة للأركان و...
الوجه السادس: هو ما ذهب اليه المحقق القمي صاحب القوانين إذ رأى ان الصلاة (مثلا) موضوعة للأركان فقط، فالركوع مثلاً دخيل في المسمى، اما ما عدا الأركان كاحدى السجدتين او القراءة او التشهد او ما اشبه، فليست دخيلة في المسمى بالصلاة بل هي دخيلة في المأمور به، ففي الواقع - حسب كلامه - هناك شيئان: صلاة وواجبات انضمت اليها وليست جزءاً من الصلاة، نظير ما قاله البعض في الشهادة الثالثة في الأذان إذ رأوا انها ليست جزئا من الأذان لكنها مستحبة بل رأى البعض انها واجبة رغم ان الأذان مستحب من باب الشعارية وما اشبه، كبعض المستحبات الاخرى حيث انها في حد ذاتها واجبة لكنها لو اقيمت فان بعض الواجبات ستكون متضمّنة فيها والبحث يترك لمحله، اذن رأي المحقق القمي ان الصلاة في الواقع مركبة من أجزاء لمركب اعتباري ومن امور تكليفية، وضم بعضها إلى بعض انتج هذا المعهود في الاذهان، فالصلاة – عنده - ليس من اجزائها التشهد بل هو مأمور به فيها وقد ضم هذا إلى ذاك، فهل هذا الوجه يجري في اصول الدين؟ اي اصول الدين هي الثلاثة فقط او الأربعة أو الخمسة بضميمة الولاية اما مثل الصلاة فهي دخيلة في المأمور به لا في المسمى؟ او لا بل هي دخيلة في المسمى، وهذا الوجه مورد خلاف بالفعل.
7- القول بتعدد الأوضاع بنحو الاشتراك اللفظي أولا ثم الاشتراك المعنوي
الوجه السابع: وهو وجه جديد ويحتاج إلى تأمل وهو ان يقال بتعدد الأوضاع بنحو الاشتراك اللفظي أوّلاً، ثم الاشتراك المعنوي ثانيا، فهذا الرأي يدمج بين عدد من المباني بالطريقة الآتي بيانها:
إذ هناك رأي يقول بالاشتراك اللفظي وفي مقابله من يرى الاشتراك المعنوي وهناك رأي بالمشككية، فهذا الرأي يجمع بينها ويقول ان هناك أوضاع متعددة ثم صيغت كلها ودمجت لتنتج جامعا تشكيكياً هو الموضوع له لاحقا، توضيح ذلك: انطلاقاً من الامور التكوينية وإلحاقاً للتشريعية أو الاعتباريةبها، فعلى سبيل المثال فان المصباح عندما اشعل شخص خشبة في بدء الخليقة، أطلق على هذه الشعلة لفظ المصباح أو عُلِّم ان يطلق عليه المصباح، فقد وضع المصباح للشعلة الخشبية او الجذوة الخشبية أولاً ثم بعد ذلك اخترعت المصابيح الزيتية، فاطلق المصباح على هذا الثاني بوضع ثان لأن الموضوع له الاول هو الخشبة المشتعلة، ثم حيث ان الغرض واحد وهو الإنارة وضعت كلمة مصباح للجامع بين المصباح الخشبي والزيتي، ثم عندما اخترعت هذه المصابيح الحديثة وضعت كلمة مصباح لهذا المخترع الجديد بوضع ثالث ثم بعد ذلك وضعت كلمة المصباح مثلا للجامع بين هذه الثلاثة.
والصلاة حسب هذا المدعى كذلك اي انها وضعت اولا للأركان، وهي ما يعبر عنها بفرض الله سبحانه وتعالى ثم ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اضاف لها أجزاءً وأموراً وهي ما يعبر عنها في الروايات بسنة النبي فوضعت الصلاة لهذا المعنى الجديد بوضع جديد، ثم بعد ذلك حيث اختلفت حالات الصلاة من سفر وحضر ومن صلاة خوف او غريق وغيرها فوضعت بوضع جديد بل أوضاع جديدة لكل تطور تشريعي جديد، وبذلك نعيش في عالم المشترك اللفظي مراراً عديدة لكن لا نبقى في عالم المشترك اللفظي أبداً كما في الوجه الأول بل ننتقل بعدها إلى مرحلة ان يُنتزع من مجموع ذلك جامع فيوضع اللفظ لذاك الجامع، وهو العالَم الذي نعيش فيه الآن، اي عندما نستخدم لفظ الصلاة فاننا نستخدمها في الجامع التشكيكي الذي ينطبق على تلك الأوضاع المتدرجة
وهذا رأي جدير بالتفكير فيه، وهل ان أصول الدين هي من هذا القبيل؟ اي هل وضع الشارع أصول الدين اولا للأركان الثلاثة او الأربعة مع المعاد ثم وضعها بنحو المشترك اللفظي بوضع جديد بما يشمل الولاية؟ ثم وضعها بوضع ثالث بما يشمل الصلاة؟ ثم بوضع رابع بما يشمل العقيقة، كما في رواية تحف العقول؟ ثم أُنتزع من هذا المجموع (الجامع) فوضع بوضع جديد للجامع التشكيكي فتصير حقيقة متشرعية؟[1]
8- هذه المركبات الاعتبارية كالحقيقية موضوعة للمادة أو للهيئة لا بشرط
الوجه الثامن: وهو ان يقال ان هذه المركبات الاعتبارية، كالصلاة، وزانها وزان المركبات الحقيقية من حيث ان الموضوع له في المادة هو الأقل اللا بشرط عن الأكثر والموضوع له للهيئة أيضا هو الأقل اللا بشرط عن الأكثر، وبهذا يحل الإشكال ثبوتا لو ان الإثبات ساعد عليه، توضيحه بالمثال:كلمة الدار او المنزل، له مادة وهيئة، فهل المنزل موضوع للمنزل المسدس الأضلاع او المثمن او المربع او المثلث؟[2] فهل هو موضوع بنحو الاشتراك اللفظي تارة للمربع واخرى للمثمن واخرى للمثلث؟ فحسب هذا الراي لا وانما المنزل قد وضع للأقل من الهيئات كالمثلث فهو اقل ما يمكن لصدق المنزل لكن بنحو اللا بشرط عن الاكثر بحيث لو اضيف له ضلع جديد فهو داخل في المسمى، هذا من حيث الهيئة واما من حيث المادة فالأمر كذلك فهل المنزل هو المتكون مادةً من الطابوق او المكوّن من الخشب أو الحديد او من غير ذلك؟ فالمنزل مادةً هو لا بشرط بالقياس إلى هذه المواد ونظائرها.
وفي الصلاة الأمر – على هذا الرأي - من هذا القبيل: الصلاة موضوعة من حيث المادة ومن حيث الهيئة للأقل لكن لا بشرط عن الأكثر فمن حيث المادة موضوعة للأركان لكن لا بشرط عن الأكثر فاذا اضيف لها التشهد إذ لم ينسه، كان جزءاً، فهذا أيضا رأي قابل للتدبر والتفكير، فهل هذا الرأي يجري في الإسلام؟ أو في أصول الدين؟، أو في العدالة وسائر ما ذكرناه؟ هذا أيضا بحث وبقيت هناك وجوه عديدة أخرى نتركها إلى غد ان شاء الله لإتمام هذا البحث.
وسنشرع بعدها بأذن الله تعالى في بحث جديد وهو حجية او عدم حجية الأحلام والمنامات لا في اصول الدين فحسب - وهو مورد الكلام - بل في غيرها ايضا، فهل الحلم حجة في اصول الدين؟ وهل هو حجة في الأحكام الشرعية؟ وهل هو حجة في الاخبارات المستقبلية وغيرها؟.
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
[1] - ما ذكرناه هو كلامه مع توضيح وإضافة منا.
[2]- هذه علة صورية وهي الهيئة.
الاثنين 4 جمادى الآخر 1434هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |