342- بحث حول التورية والمعاريض على ضوء الروايات وامثلة لها انها الحجج الخفية ـ أقسام التورية: ألمجرده والموشحة والمبيّنة وامثلة من الآيات الكريمة

الاثنين 4 ربيع الاول 1435هـ

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضيين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 

 

مبادئ الاستنباط 

 

أمثلة اخرى للتورية او المعاريض 

 

من أمثلة التورية: الحائك والذهب 

 

فقد ذكر الحائك عند ابي عبد الله ( عليه السلام ) فقال انه ملعون ثم قال انما ذلك الذي يحوك الكذب على الله ورسوله ) وورد عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ( لعن الله الذهب والفضة لا يحبها الامن هو من جنسها قلت جعلت فداك لِمَ؟ قال ليس حيث تذهب انما الذهب الذي اذهب الدين والفضة الذي افاض الكنز ) ومن الواضح ان الذهب اسم جنس جامد واما (اذهب) فهو أمر من باب الافعال فتفسير هذا بذاك من التورية او المعاريض وليس من ظاهر الكلام حسب القواعد الصرفية. 

 

ومما يؤكد ان ملاك الافقهية اجودية فهم الاخبار قول الامام الصادق ( عليه السلام )( خبر تدريه خير من عشرة ترويه ، ان لكل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً اما والله انا لا نعد الرجل فقيهاً حتى يلحن له فيعرف اللحن) 

 

واللحن كما في مجمع البحرين (ان تلحن بكلامك أي تميله إلى تجوّز ليفطن له صاحبك كالتعريض والتورية). 

 

وظاهر كلامه ان اللحن مقسم اعم وان من اقسامه التورية والتعريض 

 

وظاهر كلام الامام( عليه السلام ) ان النور برهان إنّي على الصواب فتدبر 

 

الحجج الخفية والحجج الجلية 

 

والجامع: ان هناك حججاً ظاهرة وحججاً خفية، اما الظاهرة فكالنص والظواهر وخبر الثقة والاستصحاب وهي المبحوثة في علم الاصول، واما الخفية فمثل التورية والمعاريض ونظائرها وهذه لم تبحث عادة في علم الاصول مع ان كلام العرب مبني عليها ومع ان هناك إلا الالوف من الآيات والروايات التي تتضمن المعاريض او التورية او مطلق اللحن، والتي بها يختلف المعنى المراد تماماً او يضاف إليه معنى جديد. 

 

كلام الشيخ الانصاري دفاعاً عن الطوسي في جموعه التبرعية 

 

ولذلك كله قال الشيخ في الرسائل (عمدة اختلاف الاخبار انما هي كثرة ارادة خلاف الظاهر في الاخبار اما بقرائن متصلة اختفت علينا.. واما بغير القرينة لمصلحة يراها الامام ( عليه السلام ) من تقية على ما اخترناه من ان التقية على وجه التورية، او غير التقية من المصالح الاخر، وإلى ما ذكرناه ينظر ما فعله الشيخ في الاستبصار من اظهار امكان الجمع بين متعارضات الاخبار باخراج احد المتعارضين او كليهما عن ظاهره الى معنى بعيد، وربما يظهر من الاخبار محامل وتأويلات ابعد بمراتب مما ذكره الشيخ تشهد بان ماذكره الشيخ من المحامل غير بعيد عن مراد الاحكام وان بعدت عن ظاهر الكلام ... )[1]. 

 

فان الشيخ يرى وجوب التورية ان امكنت لدى التقية اذ الاضطرار الرافع للحرمة لم يكن لخصوص الكذب بل الى الجامع بين الكذب والتورية، وحيث كانت التورية حلالاً او محتملته تعينت 

 

وحاصل كلامه ان الشيخ الطوسي جرى على ما جرى عليه الأئمة الاطهار ( عليه السلام ) وانه حيث عرف ان منهجهم في الحديث والكلام هو الاعتماد على التورية والمعاريض لذا حمل كلامهم على ذلك، فلا وجه للاشكال عليه ، نعم يبقى خصوص الدليل على هذا الوجه او ذاك لا قبح العمل ومخالفته للقاعدة. 

 

تعريف التورية 

 

ثم ان (التورية) و(التعريض) والمعاريض والتلويح وغيرها على اقسام ، وقد توهم من زعم انها قسم واحد 

 

قال في جواهر البلاغة (التورية لغة مصدر وريت الخبر تورية، اذا سترت الخبر واظهرت غيرها واصطلاحاً هي: ان يذكر المتكلم لفظاً مفرداً له معنيان احدهما قريب غير مقصود ودلالة اللفظ عليه ظاهرة والآخر بعيد مقصود ودلالة اللفظ عليه خفية فيتوهم السامع انه يريد المعنى القريب وهو انما يريد المعنى البعيد بقرينة تشير اليه ولا تظهره وتستره عن غير المتيقظ الفطن ...) 

 

أقسام التورية: المجردة، الموشحة والمبينة و... 

 

أقول: يرد عليه ان التورية المصطلحة على اقسام: 

 

1- التورية المجردة: وهي التي لم يقم القرينة لا على المعنى القريب ولا على المعنى البعيد مثل ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ) فان (جرحتم) بمعناه القريب ما اجترحتموه من الذنوب والذنوب قد تكون قلبية، كما في شؤون العقائد بل حتى الخارجية فانها مصداق لأجترحتم. ولم تذكر ظاهراً قرينة على احد المعنيين فتأمل 

 

2- التورية الموشحة[2]: وهي التي ذكرت فيها قرينة على ارادة المعنى القريب مع انه غير مارد فكانها اتشحت به وذلك كقوله تعالى ( وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ) فان المعنى القريب لليد هو الجارحة والبعيد هو القوة وقد اقترن بـ (بنيناها) وهي قرينة على ارادة المعنى القريب مع انه غير مراد 

 

3- التورية المبيّنة: وهي التي ذكرت فيها القرينة على ارادة المعنى البعيدة المراد كذكر لازمه وذلك مثل الاية لو ابدلت كلمة (بنيناها) بـ(قهرناها) فان القهر لازم القدرة لا الجارحة اذ اليد ليست قاهرة بما هي هي بل بواسطة القدرة[3]. 

 

أقسام اخرى: 

 

ثم ان التورية _ وكذا المعاريض- تنقسم بتقسيم اخر الى 

 

أ- ان لا يراد الظاهر بل يراد ما وراءه او ما هو بعرضه فقط ، ومنه التورية المجردة والموشحة السابقة وللحديث صلة... 

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 

 

مربع نص: يمكن الاستماع للدرس ومطالعة التقرير على الموقع التالى: m-alshirazi.com 

 

 

 

[1] - الرسائل ص131 النسخة الليزرية 

 

[2] - وعبروا عنها بـ( المرشّحة) والاولى ما ذكرناه 

 

[3] - وهناك قسم رابع وهو التورية المهيأة وهي على قسمين ...