356- تفصيل اللازم غير البين والبين بالمعنى الأعم ومثالان كلاميان ( في الاستدلال على وجود الله تعالى ) وآخران فقهيان في قضاء نوافل النهار بالليل في السفر
الاربعاء - 27 - ربيع الاول - 1435هــ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مبادئ الاستنباط
6- من المعاريض: اللازم غير البيّن
اللوازم على ثلاثة أقسام:
أ- البين بالمعنى الأخص
اللازم البيّن بالمعنى الأخص هو: ما يكفي تصور الملزوم لتصوره، أو التصديق به للتصديق به، وذلك في التصورات، كتصور المأموم فانه يستبطن تصور الإمام وتصور الفرع المستلزم لتصور الأصل.
وفي التصديقات كقوله (هذا إمامك) فانه يستلزم كونه مأموماً.
أو كقوله (وعليكم التفريع) فان ملزومه إن على غيركم إلقاء الأصول.
ومثلوا له بدلالة (العمى) على البصر، بناء على انه عدم الملكة: عدم البصر ممن من شأنه البصر.
(والشمس طالعة) الدال على لازمه وهو وجود النهار
ب- البيّن بالمعنى الأعم
اللازم البيّن بالمعنى الأعم، وهو ما يلزم فيه تصور الملزوم واللازم والنسبة بينهما لتصوره
وذلك مثل: إفادة القطع([1]) للحجية بمعنى الكاشفية فان تصور القطع والكاشفية والنسبة بينهما تستلزم الجزم بالحكم وهو انه كاشف. واما كون القطع منجزّاً معذّراً فانه من اللازم غير البيّن، وكذا كونه لازم الاتباع، فانه لا بد من توسيط البرهان لإثباتهما.
وقد مثلوا لذلك بزوجية الأربعة
ج- اللازم غير البيّن
اللازم غير البيّن هو: ما لا يكفي فيه تصور تلك الثلاثة بل لا بد من توسيط البرهان وضم المقدمة الخارجية.
ولنمثل بذلك بمثالين كلاميين وآخرين فقهيين:
أ- دلالة تحقق وجودٍ ما على وجود الواجب
اما دلالة تحقق وجود ما على وجود الواجب الوجود فانه تارة يستدل على وجود الواجب بوجود الممكنات وهذا هو البرهان المعروف، ومنه: (العالم متغير، وكل متغير حادث فالعالم حادث...)
وتارة يستدل بأصل الإذعان بتحققِ وجودٍ مّا، مع قطع النظر عن كونه ممكناً أو واجباً، على استلزامه لوجود الواجب، فيقال: لا ريب في ثبوت وجود ما في الكون – إذ لا ينكره إلا السوفسطائي – فان كان واجباً فهو المطلوب وإلا استلزمه، إذ يكون ممكناً عندئذٍ والممكن وجوده من غيره لا من نفسه وإلا لكان واجباً لا ممكناً. هذا خلف
ب – دلالة (قل هو الله أحد) على عينية صفاته لذاته
دلالة (قل هو الله أحد) – لمن يذعن بالقرآن الكريم - على ان صفات الله عين ذاته وذلك بان يقال: ان صفات الله إن لم تكن عين ذاته فاما أن تكون خارج ذاته أو جزء ذاته.
وعلى التقديرين اما ان تكون واجبة أو ممكنة
فإن كانت واجبة لزم تعدد القدماء، إذ الفرض أ- أن الصفات خارج ذاته وهي واجبة كما هو واجب، ب- وإن كانت جزء ذاته لزم تعدد القدماء أيضاً إذ كل جزء غير الآخر وكلها واجبة حسب المدعى، إضافة إلى لزوم تركب الواجب من أجزائه والمركب محتاج إلى أجزائه فليس بواجب.
وعلى أية حال فليس بـ(أحد) بمعنى ما لا جزء له([2]) وما لا ثاني له([3])
بل ليس بـ(أحد) بمعنى الواجب الذي لا ثاني له إذ الخارج ثانٍ، اما الجزء الداخل فانه وإن لم يكن ثانياً([4]) لكنه ينفيه الإذعان بان الله واجب والواجب غني بالذات، اما المركب فهو بحاجة إلى أجزائه فلم يكن غنياً فلم يكن واجباً هذا خلف.
ج – دلالة تخالف جوابي الإمام في قضاء نوافل النهار بالليل، على أحد وجوهٍ أربعة
ما رواه في التهذيب عن الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) ((أَقْضِي صَلَاةَ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَابِرٍ أَقْضِي صَلَاةَ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ لَا فَقَالَ إِنَّكَ قُلْتَ نَعَمْ فَقَالَ إِنَّ ذَاكَ يُطِيقُ وَ أَنْتَ لَا تُطِيق))([5])
وهذه الرواية يمكن ان تفسّر بما سبق من الفتيا والتعليم، فتأمل([6])
ولكن لا يصح تفسيرها بالوجوب التخييري إذ ظاهرها الوجود التعييني على المطيق.
كما لا يصح تفسيرها بالقضية الخارجية فان التفصيل في الذيل أفاد انها قضية حقيقية ذات صورتين.
وهناك احتمال رابع سيأتي في البحث القادم بإذن الله تعالى.
وعلى أية حال فان الانتقال من صدر كلام الإمام، بدون ذيله في سائر الأماكن، إلى أحد الوجوه الأربعة يعد من اللازم غير البيّن إذ توقف على إعمال المقدمة الخارجية.
بل حتى في هذا الرواية فان الانتقال من ذيلها إلى مقامي الفتيا والتعليم اعتمد على ضم المقدمة الخارجية. فتأمل
د – دلالة رواية مماثلة على وجه خامس
وفي التهذيب أيضاً عن عمر بن حنظلة، قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) جعلت فداك أني سألتك عن قضاء صلاة النهار بالليل في السفر فقلت لا تقضها وسألك أصحابنا فقلت أقضوا فقال لي: أفأقول لهم لا تصلوا (أو أني أكره ان أقول لهم لا تصلوا) والله ما ذاك عليهم).
وسيأتي وجود احتمال خامس في هذه الرواية مع وجوه أخرى وفيها كلام. وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
([1]) سبق ان العلم كاشف وليس مطلق القطع.
([2]) إن قلنا صفاته جزء ذاته.
([3]) إن قلنا صفاته خارج ذاته.
([4]) بل هو ثان لدى الدقة.
([5]) التهذيب ج2 ص16.
([6]) سيأتي وجهه بإذن الله تعالى.
الاربعاء - 27 - ربيع الاول - 1435هــ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |