82- الجواب عن دعوى الميرزا النائيني بالتقدم الرتبي، وعن الاصل عن الشك في الطولية والعرضية هو الاشتغال
الاثنين 4 ربيع الثاني 1433هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
كان البحث يدور حول دعوى طولية الاحتياط للاجتهاد والتقليد والوجوه التي ذكرت لذلك وذكرنا بعض الوجوه التي ادعي انها تدل على ان النوبة لا تصل الى الاحتياط مع امكان أو فعلية الاجتهاد أو التقليد .
اما مبحث اليوم فهو بيان الطولية بالبيان الذي ذكره الميرزا النائيني فهو يقول: ان التحرك عن الامر الجزمي هو في رتبة سابقة على التحرك عن الامر الاحتمالي هذا هو المقطع الاول من كلامه اما المقطع الثاني من كلامه فهو: مع الشك انهما طوليان ام عرضيان , يكون المرجع هو اصالة الاشتغال,ومقتاضاها عدم جواز الاكتفاء بالاحتياط مع التمكن من الامتثال التفصيلي . هذه خلاصة كلام الميرزا النائيني .
لكن في كلا المقطعين من كلامه نقاش اما المقطع الاول (التحرك والانبعاث عن الامر الجزمي هو في رتبة سابقة على التحرك عن الامر الاحتمالي كما في الاحتياط فاننا في الاحتياط نتحرك عن الامر الاحتمالي ) فقد يورد عليه بوجوه :
الوجه الاول: ان التحرك والانبعاث عن الاجتهاد والتقليد ليس تحركا عن الامر الجزمي بل هو تحرك عن الامر الظني وان كان بالظن المعتبر, وان كان هذا الظن حجة , اذن الاحتياط والاجتهاد والتقليد من هذه الجهة سيان فكلاهما ليس تحركا عن الامر الجزمي بل تحرك عن الامر الاحتمالي, نعم في الاجتهاد يوجد (ظن) دون الاحتياط فانه في صورة الدوران يوجد احتمال فقط لكل من الطرفين , نعم قد يوجد فيه ظن شخصي باحدهما او باصل الحكم (كالظن الشخصي بوجوب جلسة الاستراحة دون قيام علمي عليها فيحتاط بفعلها) .
فاذا اراد الميرزا بالامر الجزمي هو ما يورث العلم بالمأمور به فليس هذا متوفرا عادة في الاجتهاد والتقليد كالاحتياط , وان اراد من التحرك عن الامر الجزمي هو التحرك عن الحجة لأن الاجتهاد والتقليد حجة للادلة العقلية والنقلية فنقول ذلك في الاحتياط جارٍ ايضا للادلة عليه وبناء العقلاء , وان استشكل عليه بانه فيه خلافا , اجيب بان الخلاف في التقليد موجود ايضا .
الوجه الثاني : هو ما اسلفناه من اننا نسأل الميرزا ونقول : قولك ان التحرك عن الامر الجزمي في رتبة سابقة على التحرك عن الامر الاحتمالي هل المقصود من التقدم الرتبي التقدم بالورود ام بالحكومة؟ وعلى اي تقدير تقدم الجواب تفصيلا عن هذين الاحتمالين .
الوجه الثالث (قد يكون بينه وبين الوجه الثاني عموم وخصوص من وجه) :ان "التقدم الرتبي" ما المقصود به؟ فهل المقصود التقدم الشرفي او بالامكان او المقصود التقدم بالوقوع؟ والعكس صحيح من الجهة الاخرى , فهل التأخر شرفي أم بالامكان أم التأخر بالوقوع؟ وهذه الشقوق الثلاثة كلها منتفية .
توضيح ذلك: اما اذا قصد التقدم بالشرف فالامر بالعكس فأن الانبعاث عن الامر الاحتمالي ادعى للمثوبة واقوى في الحسن من الانبعاث عن الامر الجزمي فان العبد اذا انبعث حتى عن احتمال وجود امر للمولى فهذا يدل على شدة انقياده ومطواعيته للمولى
واما ان اريد الاحتمال الثاني وهو التقدم الامكاني والتأخر الامكاني وانه لا يمكن الاحتياط مع امكان الاجتهاد او التقليد او مع فعليتهما فنقول اضافة الى ما سبق ان الوجدان يكذب ذلك اذ اننا نرى بالوجدان امكان الاحتياط ووقوعه مع امكان الاجتهاد والتقليد بل مع فعليتهما كما لو اجتهد و وصل الى ان الواجب في الركعة الثالثة تسبيحة واحدة ولكنه احتاط واتى بثلاث او صلى الى جهتين فيما لو ترددت القبلة الى جهتين .
الاحتمال الثالث: لو اريد من التقدم الرتبي :التقدم في مرحلة الوقوع (الفعلية) وانه لا يوجد خارجا العمل بالاحتياط مع امكان او فعلية الاجتهاد او التقليد , فنقول: ادل شيء على امكان الشيء وقوعه و الواقع الخارجي يشهد على عكس ذلك فأن الكثير من الناس يلتزم بالاحتياط رغم انفتاح باب الاجتهاد والتقليد بل ورغم فعليتهما اذن هذا الشق ايضا غير تام , وهذا المقطع الاول من كلامه
اما المقطع الثاني من كلامه : لو وصل الامر الى الشك في ان الاحتياط في عرض التقليد والاجتهاد فهو مبرئ للذمة ام في طولهما فهو غير مبرئ مع امكانهما فما هو المرجع عند الشك؟ يقول الميرزا ان المرجع هو اصالة الاشتغال لأن الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية , فقد اشتغلت ذمتي بتكاليف فلو اجتهدت او قلدت فقد فرغت ذمتي لأن الاجتهاد سواء اكان في الطول ام في العرض فهو مبرئ اما لو احتطت فنشك بالبراءة وفراغ الذمة لأن الاحتياط لو كان في عرضهما فهو مبرئ للذمة اما لو كان في طولهما فلا . هذا هو المقطع الثاني من كلامه .
ولنبدأ بتوضيح كلامه باضافة منا ثم نناقش فيه : انه لا يوجد اصل سببي ينقح الطولية او العرضية عند الشك فاننا شككنا في الطولية والعرضية فلو كان الاحتياط في عرضهما فهو مبرءاً اما لو كان في الطول فليس بمبرئ فلو كان هناك اصل موضوعي ينقح العرضية لكان الاحتياط مبرئ للذمة ولكن المشكلة لا اصل منقح
ان قلت : نجري اصالة عدم الطولية فنقول: هنا مشكلتان
الاولى: انه معارض باصالة عدم العرضية , الثانية :انه لو فرض عدم التعارض فهو اصل مثبت اذ لا يصح ان نجري اصالة عدم الطولية لاثبات العرضية فنثبت بها براءة الذمة لأنه اصل مثبت لان الواسطة عقلية .
اذن لا اصل سببي منقح للطولية او العرضية فلابد ان نرفع اليد عن عالم الاسباب والاصول الجارية فيه ونرجع الى المسبب فنقول : هناك يقين سابق بالاشتغال وشك لاحق بالفراغ فيتطلب البراءة اليقينية ومع الشك في مبرئية الاحتياط للذمة يكون المرجع اصالة الاشتغال حيث ان الاحتياط انبعاث عن الامر الاحتمالي فيشك انه مبرء , والاشتغال اليقيني يستدعي البرائة اليقينية .
ويمكن ان نناقش الميرزا بالقول : انه يوجد اصل سببي حاكم على اصالة الاشتغال وهذا الاصل يفيد البراءة , لأن شكنا في براءة ذمتي بالاحتياط ينتج من شكنا في اعتبار قصد الجزم في الامتثال , والاصل عدمه , اذن بهذا البيان يكون الجواب واضحا , اذ عندما اعمل بالاحتياط فلماذا اشك في انه مبرئ ام لا؟ أليس ذلك لوجود عقدة في مرحلة سابقة وهي ان قصد الجزم معتبر ام لا ؟ وقد ذكرنا ان الاصل عدم اعتباره لأن كل شرط او جزء يشك في اعتباره فالاصل عدم اعتباره . اذن هذا اصل سببي حاكم يقتضي البراءة وللحديث صلة وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين .
الاثنين 4 ربيع الثاني 1433هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |