167- ادلة اربعة للاحتمال الحادي عشر 12ـ الضان بالحق الذي قويت ملكته 13 ـ الضان بالحق الذي تجددت امامه شبهه 14 ـ القاطع بالحق المستحضر للادلة من غير قوة ملكة ولا تجدد شبهة 15 ـ القاطع بالحق عن غير الاجتهاد والتقليد ، كالاحلام والقياس واقوال الفلاسفة

الثلاثاء 22 ذي القعدة 1433هـ

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 

كان الكلام يدور حول الأقوال والمحتملات بالنسبة إلى النظر والمعرفة اجتهادا او تقليدا قطعا او ظنا وان المعرفة واجبة, لكن هل يجب تحصيلها عن خصوص طريق النظر والاجتهاد ام يكفي فيها التقليد ام غير ذلك؟ وصل الكلام إلى الاحتمال الحادي عشر وهو ان يقال بان الظان عن اجتهاد غير المستحضر للادلة، مشمول للايات الشريفة وغيرها مما دل على وجوب النظر فعليه ان يعيد النظر والاستدلال على الحق الذي وصل اليه، فالصورة الحادية عشر هي الظان بالحق عن اجتهاد ناسيا للادلة ,وذكرنا ان هذا اولى من ان يصار اليه مما صار اليه المحقق الحلي في الفروع. 

اما مبحث اليوم: فان وجه الاولوية في لزوم تجديد النظر على الناسي في الاصول، من الناسي في الفروع، هي وجوه اربع: 

الوجه الاول: ان الاصول لا ريب انها اهم من الفروع، والملاك الاولوي قطعي. بل لا قياس بين الاصول والفروع فان جحد الاصول بل عدم معرفتها موجب للكفر اما جحد الفروع إن لم يعد لجحد الأصول او عدم معرفتها فموجب للفسق. 

الوجه الثاني: الادلة العقلية التي سيقت لوجوب النظر والاجتهاد كوجوب دفع الضرر المحتمل ووجوب شكر النعمة ووجوب جلب المنفعة البالغة وايضا الاستحقاق الذاتي ,هذه الوجوه اولى بالجريان في الاصول منها في الفروع ,مثلا خوف الضرر المحتمل فان المجتهد في الفروع الناسي للادلة محتمل الضرر بتركه لتكرير النظر لاحتمال وجوبه لكن هذا الخوف من الضرر هو خوف من ضرر بسيط بالقياس إلى خوف الضرر الناشي من عدم تكرير النظر من المجتهد الناسي للادلة في الاصول فيما لو قيل بعدم كفاية الاجتهاد السابق المنسي ادلتُه في الفروع. 

الوجه الثالث: مما قد يسوقنا إلى الالتزام بوجوب تجديد الاجتهاد في اصول الدين هو خوف الانحراف, إذ أن من الادلة ان المقلد ايمانه غير مستقر اما المجتهد فانه حيث وصل للمعرفة عن طريق الادلة فلا تزحزحه الشبهات ورياح الضلال والانحراف,هذه العلة المذكورة هناك لا تزال باقية وان كانت بنسبة اضعف في الناسي للادلة في الاصول,وبتعبير اخر:هناك ثلاث درجات من الاحتمال في هذه الفئات الثلاثة: 

1- المقلد واحتمال انحرافه كبير. 

2- المجتهد المستحضر للادلة في الاصول، واحتمال انحرافه ضعيف جدا. 

3- المجتهد الناسي للادلة وهو بينهما, هذا ثالثا وقد يعد هذا من صغريات الوجه الثاني 

الوجه الرابع: ان القول بعدم وجوب تكرير الاجتهاد في الفروع للناسي للادلة قد يستند إلى لزوم العسر والحرج من الزامه بذلك , بل يلزم منه اشد العسر والحرج لأن المسائل الابتلائية بالالوف وابقاء نفس المسائل حاضرة في الذهن لعل فيه حرجاً للأكثر فكيف باستحضار كل مسألة بدليلها ومعارضاتها ونقوضها وأجوبتها؟ اما الاجتهاد في الاصول خاصة الاصول الاصلية كالتوحيد والرسالة والعدل والامامة والمعاد فان مسائلها قليلة فإيجاب استحضار ادلتها لا يلزم منه عسر وحرج شديد بل قد لا يلزم منه عسر وحرج, اذن ذاك المحذور هناك لا يلزم هنا اما لعدم وجوده او لأخفيته 

الاحتمال الثاني عشر:ان المخاطب هو الظان بالحق في اصول الدين عن اجتهاد فيما لو قويت ملكته فهو مشمول للايات دون غيره ,فهذا المجتهد الذي قويت ملكته واحتمل احتمالا عقلائيا انه لو كرر النظر لوصل إلى خلاف ما وصل اليه اولا, فقد قال ان الخطاب في سائر الادلة يشمله,وهذا ايضا اولى مما قاله الشيخ البهائي في الفروع حيث نفى بُعدَ وجوبِ ذلك في الزبدة وظاهره الفتوى ,والفاضل الجواد في شرح الزبدة مال إلى هذا الرأي, فعلى رأي الشيخ البهائي في الفروع فإنه لو قويت ملكة المجتهد فعليه ان يعيد النظر في ما افتى به اولا, فاذا قيل بذلك في الفروع فالامر جار بشكل اولى في الاصول فيما لو قويت ملكته الاجتهادية في اصول الدين 

الاحتمال الثالث عشر: الظان بالحق في اصول الدين لو استجدت هنالك شبهات جديدة أو أدلة جديدة فعليه ان يعيد النظر فالخطاب بـ(انظروا) شامل لمثل هذا .اذن هناك ثلاث مسائل 

الاولى نسيان الادلة (التي ذهب المحقق فيها لو كانت في الفروع إلى وجود تجديد الاجتهاد), 

المسألة الثانية هي قوة الملكة التي ذهب الشيخ البهائي فيما لو كانت في الفروع إلى وجوب تكرير النظر) 

والمسألة الثالثة وهي هذه الصورة وهي فيما لو استجدت شبهات جديدة أو أدلة جديدة في اصول الدين, فهنا من العقلائي ان يخاطب هؤلاء أيضاً بـ(انظروا) ويخاطب بـ(اولم يتفكروا) 

الاحتمال الرابع عشر والظاهر ان الصورة الوحيدة المقطوع أن (انظروا) ونظائرها لا تشمله هي هذه الصورة وان أمكن النقاش عقلاً وهي: القاطع بالحق عن اجتهاد مستحضرا الادلة من غير عروض قوة ملكة له ومن غير تجدد شبهة او تجدد دليل يمكن الاستناد اليه, والظاهر قطعا انه غير مخاطب قطعاً وان احتمل ذلك بان يقال ان النظر واجب مستقل كما تقدم وان هناك تعدد في المطلوب, اي هناك واجبان: فأَن تصل للحق هذا واجب وان تكرر النظر واجب آخر له الموضوعية كالمصلحة السلوكية أي على المستحضر للادلة ان يعيد النظر فيها واستحضارها من جديد ولا يكتفي بارتكازيتها,فهذه الصورة قطعا خارجة وان احتمل صناعة ذلك, وتبقى الصور الاخرى مشمولة 

الصورة الخامسة عشرة وهي بحاجة إلى بحث وهي: القاطع بالحق عن سائر الطرق غير الاجتهاد والتقليد فهل هو مخاطب بـ(انظروا )؟ وهو بحث كثير الابتلاء كثيرا جدا مثل القطع عن طريق الاحلام، والقياس، ومثل اخذ اصول الدين من سائر ارباب الديانات فانه لو قطع بالحق من هذه الطرق فيمكن ان يقال بكونه مشمولا لـ(انظروا) كما في الرواية التي ينقلها العامة ايضا عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه رأى عمر وبيده بعض اوراق التوراة, فهو كان يروج للتوراة فغضب النبي صلى الله عليه واله وسلم ونهاه وقال له: لو كان موسى حيا لما وسعه الا اتباعي , فلو فرض ان الشخص قطع بالحق عن طريق سماع كلمات سائر ارباب الديانات الاخرى فقد يقال لا يكفي ذلك بدعوى أن النظر عن الطرق الممهدة الممضاة شرعا واجب، وانه لو عصى مصرا فهو فاسق او غير مؤمن على الخلاف , إذ تقدم ان النظر من خصوص الطرق الممضاة هل هو شرط الايمان وهو رأي الاكثر أولاً؟ 

فاذن لو قطع لا عن طرقه الممضاة شرعا فانما تجري عليه احكام الاسلام الظاهرية فقط,وكذلك الحال في (الفلسفة) فلو قطع شخص بالحق عن طريق الفلسفة فعلى رأي من يحرم الفلسفة كالسيد البروجردي وغيره واستنادا لمثل ما روي عن الامام العسكري عليه السلام حيث ذم المتصوفة والفلاسفة في رواية مطولة ,فلو قلنا بتحريم الفلسفة وقطع شخص بالحق فرضا عن طريق الفلسفة فالبحث يعود اليه من جديد وان (قل انظروا) هل تشمله او لا تشمله؟ والحاصل: انه هل انظروا واجب تعبدي, واجب مستقل او لا بل هو واجب توصلي هذه هي الصورة الخامسة عشرة وهي كثيرة الابتلاء وللحديث تتمة. 

وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين...