4-بيان المبادئ الاحكامية والنقاش فيها - بيان اندراج مباحث الاجتهاد والتقليد ضمن المبادئ التصورية والتصديقة للفقه
الاثنين 20 شوال 1432هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ,ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
تقدم ان هناك بحثا يدورحول ان مسائل الاجتهاد والتقليد هل هي مسائل اصولية ام مسائل فقهية ام هي من المبادئ؟
كماتقدم ان المبادئ اما تصورية او تصديقيه وأضاف السيد البر وجردي قسما ثالثا اسماه المبادئ الأحكامية وهي تلك المحمولات التي تترتب على الأحكام مثل مباحث المُلازمة وهل وجوب الشيء يستلزم وجوب مقدمته عقلا او شرعا؟وسمي من المباديء الاحكامية لانه يتعلق بعوارض الحكم الشرعي كالوجوب، وكذلك الحال في مبحث هل وجوب الشيء يقتضي النهي عن ضده؟.
والتحقيق انه لا قسم ثالث وان المبادئ الاحكامية ترجع أما للمبادئ التصورية أو إلى المبادئ التصديقية فما أوجب تصور محمولات الوجوب، كالاستلزام، فهو مبدأ تصوري، وما أفاد تصديقا بثبوت محمولات الوجوب له ، فهو مبدأ تصديقي، وتحقيقه يوكل إلى محله. والملاحظ :أن كثيرا من مباحث الاجتهاد والتقليد هي من المبادئ اما التصورية او التصديقية فمثلا:
مبحث تعريف كل من:(التقليد)و( مبرء للذمة) فانه مبحث تصوري لانه يفيد تصور الموضوع(التقليد) أوالمحمول (مبرئ للذمة),وعلى هذا فان قلنا ان مباحث الاجتهاد والتقليد و مسائله هي مسائل اصولية فسيكون تعريفهما مبدءا تصوريا لعلم الاصول والا - بان قلنا بان مسائلهما من مسائل فقهيه - فهو مبدء تصوري لعلم الفقه .
أما مبحث:هل يتوقف ألاجتهاد في الفقه على الاجتهاد في النحو و البلاغه والمنطق مثلا أم لا ؟ فهو مبدأ تصديقي.
واما مبحث انقسام الاجتهاد الى مطلق ومتجزئ وما هو معنى المتجزئ في الاجتهاد؟ فكل هذه المباحث ونحوها تعدّ مبادئ تصورية .
ومبحث هل المتجزء هو متجزء في الملكة ام هو متجزء في معرفة بعض القواعد؟ وهل التجزء ممكن ام لا؟ فالبعض يرى حتميته لأنه مقدمة للاجتهاد المطلق ويستحيل الاجتهاد المطلق بلا اجتهاد متجزء في السابق وراي يرى استحالة التجزء لأن الاجتهاد ملكة وهي امر بسيط فهو اما موجودة او لا, والبعض يرى الامكان لأن الملكة مراتب , و تحقيق الحال في امكان او استحالة او وجوب الاجتهاد المتجزء هو مبدأ تصديقي.
إذن الكثير من مباحث الاجتهاد والتقليد هي اما مبادئ تصورية او مبادئ تصديقية لأحد العلمين. كما ان منها مبحث مهم ذكر في ضمن مباحث كتاب الاجتهاد والتقليد وهو مبحث التخطئة والتصويب ، فان ما يفيد معنى التخطئة أو التصويب فهو مبدء تصوري وليس مسالة اصولية ولا مسألة فقهية , فتعريف التخطئة بالالتزام بكون كل حكم لم يطابق حكم الله الواقعي الثبوتي النفس أمري (كما في اللوح المحفوظ) فهو خاطئ،مبدأ تصوري، وكذا التصويب والحاصل ان ما افاد التصور فمبدأ تصوري، وما افاد التصديق فمبدأ تصديقي ولا بأس بتوضيح ذالك اجمالا:
ماذا يعني التصويب؟ فيه أقوال أربعة:
القول الأول : انه لا حكم لله في متن الواقع ابدا،وإنما حكم معلول لفتوى المجتهد يوجد بوجودها وينقلب بانقلابها وينعدم بانعدامها وهذا هو التصويب الأشعري وهو في غاية البطلان.
القول الثاني:انه يوجد حكم لله في متن الواقع إلا أن فتوى المجتهد المخالفة تمحوه وتوجد في محله حكما جديدا على وفق فتوى المجتهد وهذا أيضا واضح البطلان .
القول الثالث:انه لله حكم واقعي فإذا أفتى المجتهد بخلافه فانه لا يمحى ذلك الحكم الواقعي وإنما يضاف إلى جواره حكم جديد من قبل الله يوافق رأي المجتهد، فيكون في الواقع حكمان.
القول الرابع:المصلحة السلوكية، وذهب إليه الشيخ الأنصاري وهوان لله حكما واقعيا لكن ولو قامت فتوى المجتهد على خلافه فانه توجد حينئذ في الطريق(فتوى المجتهد) لا في المؤدى، مصلحة سلوكية تزاحم مصلحة المؤدى والواقع وتتغلب عليها كما في البينة ,فان البينة قد تخطىء ولكن الحاكم االشرعي ملزم بإتباعها وقد قال النبي "صلى الله عليه واله وسلم" (إنما اقضي بينكم بالأيمان والبينات)ولا يتصور من ذلك ان حكم المجتهد قد قلب الواقع حتى لو كان الحاكم هو رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)
وهذا المبحث كله ليس مسألة أصولية، وان بحث في الاصول، وإنما هو من المبادئ التصورية أو التصديقية أو الاحكامية بحسب رأي السيد البروجردي اذ يبحث عن ان الحكم الذي افتى به المجتهد هل هو صانع للواقع أم لا؟ إذن صار بحثا عن مبدأ من المبادئ الاحكامية.
وعلى هذا تبين ان كثيرا من مباحث الاجتهاد والتقليد هي مبادئ تصورية أو تصديقية لعلم الاصول(إن قلنا ان مباحث الاجتهاد والتقليد هي مباحث أصوليه والا فهي مباديء لعلم الفقه)
وقد يرد هنا سؤال :هل المبادئ مطلقا خارجة عن العلم أم داخلة فيه ؟
والجواب: هناك خلاف حول ذالك، والتحقيق انها جزءا من العلم ، هي ليست مسألة ولا جزء المسألة بل هي جزء العلم فليست اجنبية عنه .
وهمﱡ ودفعه: ان كثيرا من مباحث الألفاظ كمبحث الصحيح والأعم، ومبحث الحقيقة الشرعية، ومبحث المشتق، خارجة عن علم الأصول لأنها مباحث لغوية؟
والجواب نحن نرى ان هذا السنخ من المبادئ اللغوية داخلة في علم الأصول بوجهين وسيأتي تحقيق ذلك ان شاء الله تعالى2.
وسيأتي الكلام في الدرس القادم عن المسألة الأولى من كتاب الاجتهاد والتقليد من العروة الوثقى.
وسيكون البحث بحسب ترتيب العروة لا الكفاية لسببين:
1)العروة اجمع لمسائل الاجتهاد والتقليد وأوسع من الكفاية .
2)التعليقات على مبحث الاجتهاد والتقليد من العروة أكثر منها على الكفاية.
الاثنين 20 شوال 1432هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |